"الإرهاب".. حرب قذرة بأسلحة تقليدية

تقارير وحوارات

مسلحون - أرشيفية
مسلحون - أرشيفية


إن الإرهاب ليس كالحرب التقليدية، لا يمكن للأسلحة المعقدة ولا الرؤوس النووية أن تهزمه ولا حتى الأحكام القضائية، ليست الحرب النظيفة التي يكون مكانها ما يسمي أرض المعركة، الظاهرة ليست بأكثر من إرهابي يعطي نفسه شرعية دينية والمقتولين أكثرهم عزل وليسوا مقاتلين، إنهم فقط ضحايا.


"الإرهاب"، عبارة عن وسيلة من وسائل الإكراه في المجتمع، ولا يوجد للإرهابي أهداف متفق عليها عالمياً ولا ملزمة قانوناً، وتعريف القانون الجنائي له بالإضافة إلى تعريفات مشتركة للإرهاب تشير إلى تلك الأفعال العنيفة التي تهدف إلى خلق أجواء من الخوف، ويكون موجهاً ضد أتباع دينية وأخرى سياسية معينة، وفيه استهداف متعمد أو تجاهل سلامة غير المدنيين، بعض التعاريفات تشمل الآن أعمال العنف غير المشروعة والحرب، ويتم عادة استخدام تكتيكات مماثلة من قبل المنظمات الإجرامية لفرض قوانينها.

 

 

ومثل أي ظاهرة تنشأ لابد من وجود أسباب لها تساعد في نموها وللإرهاب أسباب منها "شعورهم بالظلم والبحث عن استرجاع حقوقهم بطريق القوة المفرطة"، والتأثر بالنص الديني المتشدد الحاث على لزوم إحقاق الحق ودحض الباطل ولو بالوسائل العنفوية، او تلك النصوص التي تبيح دماء وأموال وأعراض غير معتنقي الدين أو المذهب الذي يتبناه الإرهابي.

 

بالإضافة إلى غطرسة الدول العظمى وسعيها في تعزيز نفوذها وسطوتها وهيمنتها على الدول الضعيفة من خلال زرع الخلايا الإرهابية الضاربة في أمن وسلامة تلك الدول بغية إجبارها أن تستغيث بقوة نفس الدول الراعية للإرهاب.

 

وقيام الدول الراعية للإرهاب بتحطيم اقتصاديات الدول الصغيرة من خلال ضرب وخلخلة الأمن فيها، عبر تدريب وتهيئة الخلايا الإرهابية الناشئة أساسا على ثقافة الدم والمتأثرة بالنصوص الدينية المتشددة. فتزداد الدول القوية قوة وانتعاشاً بحاجة الضعيفة لنجدته او ضرب الإسلام بالإسلام نفسه للصق تهمة الإرهاب في الدين الإسلامي, وهذا من اهم دواعي الإرهاب.

 

بالإضافة إلى النصوص الدستورية التي ترتكز إليها بعض الحكومات في ممارسة الإقصاء والإبادة بحق جماعة أو مكوّن اجتماعي ما، سواء كان حكومية أو غير حكومية، وبسبب التعقيدات السياسية والدينية نري المسيحية فى الوقت الراهن قد عانوا منه بسبب استهدافهم دينيا ونرى ذالك واضحا فيما حدث في سيناء باستهداف المواطنين الأبرياء في منطقة شمال سيناء من قِبل التنظيمات الإرهابية؛ ما أدى إلى انتقال عدد من أسر المواطنين الأقباط إلى محافظة الإسماعيلية، حيث تم استقبالهم وإسكانهم لحين الانتهاء من التعامل مع العناصر الإرهابية وبحسب تصريحات صادرة من الكنيسة الأرثوذكسية، يزيد عدد الأسر التي نزحت خلال الثلاثة أيام الماضية على 103 أُسر، ويقترب عددهم من 350 فرداً، كما فتحت الكنيسة الإنجيلية بالإسماعيلية أبوابها أمام المسيحيين النازحين وقامت بإيوائهم وتقديم الرعاية لهم.

 

ولكن هذا ليس الحل الجذري للمشكلة ولابد من حل تلك الظاهرة بأقل الخسائر الممكنة ولا تتم تلك الخطوة إلا إذا اقتنعت السلطات والجهات الأمنية على جهة الخصوص في البلاد أن هناك فرقًا كبيرًا بين الإسلام بسماحته ورحمته وبين الفكر المتطرف المتشدد ؛ ويقترح في هذا المجال عقد دورات تبين هذا الجانب للجهات الأمنية ومعرفة الحرية الحقيقية في الإسلام ، فالحرية مكفولة في الإسلام ولكن بضوابطها ؛ فهي لا تسمح لمن يريد أن يلبس على الناس دينهم أن يتصدر للناس ويعتلي وسائل الإعلام ، ومن كان في نفسه شبهة من هؤلاء لا بأس من مناظرته وتبيين خطأ منهجه فإن تاب وإلا أقيم عليه الحد المناسب في الإسلام ، أو على الأقل يمنع من التصدي للناس في وسائل الإعلام ، فكما يوجد هناك تطرف في ناحية الالتزام في الإسلام فإن هناك أفكارًا أخرى تمثل التطرف المقابل والذي يدعو للتحلل من قيم ومبادئ الإسلام ، وكلا الطرفين مرفوض.

 

لا ندعو للتخلي عن الحل الأمني فالحل الأمني مطلوب لمواجهة الفتنة في بدايتها قبل أن تستفحل، ولكن إلى جوار الحل الأمني لا بد من أمرين:

 

أ‌- النظرة الصحيحة لهؤلاء المتطرفين وذلك بأنهم مرضى محتاجون للعلاج وليس على أنهم مجرمون ؛ واختلاف النظرة إليهم ينبني عليه اختلاف التعامل ، فإذا نظرنا إليهم أنهم مجرمون سيكون التعامل معهم بكل قسوة وعنف وإنزال أنواع البطش والتنكيل بهم ، أما إذا نظرنا إليهم على أنهم مرضى فحقهم علينا الشفقة والرحمة والبحث عن الطرق المناسبة للعلاج ، المريض يعالج في المستشفى بينما المجرم يعاقب بالسجن ، وهكذا يختلف التعامل بحسب النظرة.

 

ب‌- اعتماد أسلوب الحوار في العلاج، فجميع الأعمال التي تصدر عن الإنسان إنما تصدر عن معتقداته؛ فالتصرفات الخاطئة ناتجة عن معتقدات خاطئة، ولا يمكن تعديلها مهما مورس على الإنسان من ضغط جسدي أو نفسي، نعم قد يكف عنها نتيجة الخوف ، ولكن ذلك يكون لأجل محدد وتظل تلك المعتقدات تسيطر عليه حتى إذا ما وجد الفرصة المناسبة خرج ليحقق معتقداته، فحالة الإفساد في الأرض باسم الدين (الإرهاب) لا أتصور أنه يمكن علاجها إلا من خلال الحوار الهادف البناء