قصر البارون بين خرافات أسطورية وتحفة معمارية

منوعات

بوابة الفجر


قصر البارون بين خرافات أسطورية وتحفة معمارية

أقاويل وأساطير وعموض أحاط بـ "قصر البارون"، ذلك الصرح المعماري الفخم، ومايخبئه داخله من أسرار وأحداث قد صنفها البعض علي أنه مأهول بالأرواح الشريرة التي جاءت من العالم الموازي لتنتقم لأصحابها، والبعض الآخر قال بأنه معقل لأصحاب السهرات الليلية مسببين لجيران القصر إزعاج.

أصل الحكاية 
ترجع ملكية قصر البارون للممهندس والمليونير البلجيكي "إدوار إمبان"، حيث كان "إدوار" مهندسًا صاحب عقلية فذة؛ إذ أنه قام بعدة مشروعات ناجحة في كثير من الدول، منها "بنك بروكسل في بلجيكا"، كما أطلق عليه ملك فرنسا لقب "البارون"، تقديرًا لمجهوداته في إنشاء المترو بباريس.

فقد كان "البارون" لديه هوايات متعددة منها حبه لجمع المال، وشغفه بالسفر والترحال من بلد لبلد، فقد سافر إلى دول عدة منها "المكسيك، أمريكا،وأفريقيا"، ولكن كان لسفره إلى الهند تأثيرًا مختلفا في نفسه، إذ أنه عاش بها فترة طويلة جعلته يعشق الأساطير القديمة للهند، كما زاد تعلق قلبه بالشرق، فكان ذلك السبب في أنه يبحث عن دول أخرى ذات حضارات عريقة ذات تاريخ أقدم، ليقع اختياره على مصر، وعندما جاء إلى القاهرة زادته حباً وعشقاً لمصر حتى قرر أن يعيش فيها طيلة حياته، كما طلب أن يُدفن في مصر بعد وفاته.

لذلك قرر "البارون" أن يبحث عن مكان ليعيش فيه، ليستقر به الاختيار على أن يبني ذلك القصر، فقد قرر أن يبني قصرًا ليس له مثيل بالعالم فبحث عن الكثير من التصاميم،لوكمن عندما رأى الطراز المعماري للمهندس الفرنسي "ألكسندر مارسيل" أعجبه بشدة ليقرر أن يبني القصر في القاهرة بمنطقة "مصر الجديدة" حاليًا.

تصميم القصر
يتكون قصر "البارون" من طابقين وملحق صغير بالقرب منه تعلوه قبة كبيرة، واللافت للنظر في بناء القصر أنه تم تصميمه بحيث لا تغيب عنه الشمس، حيث به برج يدور على قاعدة متحركة، والتي تعرف بال"ترس الدوار"، دورة كاملة كل ساعة ليتيح للجالس به مشاهدة ما حوله في جميع الاتجاهات، كما له سراديبين طويليم، أحمدها يؤدي إلى الكنيسة التي تحولت باسمه، والثاني يؤدي إلى الفندق الذي يحمل اسمه أيضًا وهو فندق "البارون".

أما جدران القصر فقد وُضع عليها تماثيل مرمرية لراقصات من الهند، أفيال لرفع النوافذ المرصعة بقطع صغيرة من الزجاج البلجيكي، فرسان يحملون السيوف، وحيوانات أسطورية متكئة على جدران القصر، كما نُقشت على جدرانه رسومات غريبة لجماجم، نجمة داوود، وطلاسم ليس لها تفسير والتي أثارت الشكوك بأن يكون لها علاقة بسكن الخفافيش للقصر بل ووجود الكثير منها مذبوح بداخله.

بداية اللعنة
كان لشخصية البارون وطبيعة حياته دورًا رئيسياً في انتشار الحكايات المرعبة المرتبطة بقصر البارون، حيث وُلد "البارون" بعرج ظاهر في قدمه، كما أنه كان مريضًا بالصرع، كما أنه كان شخصًا صارمًا فلا يستطيع أحد من خدام القصر الاقتراب منهحتى لو كان في حالة لفقدان الوعي الذي تسببه له نوبات الصرع.

عاش البارون مع اخته "هيلانة" في ذلك القصر، والتي ماتت بعد سقوطها من فوق البرج من غرفتها، حاول البارون إنقاذ أخته من الموت لكنه لم يستطع، ومن هنا كثرت الأقاويل الشعبية عن "الجان" والأرواح التي تسكن القصر، وانتشرت الائعة بأن روح "هيلانة" ساخطة على أخيها "البارون" الذي لم ينقذها من الموت، فحاول الاعتذار منها ولكنها رفضت ليدخل على إثرها "البارون" في حالة اكتئاب والتي أدت لوفاته.

ولم تكن تلك الواقعة فقط ما دعى الناس للشك وتبادل الأقاويل، فقد مات في القصر ستة من الخدم بعد وفاة أخت البارون، منهم رئيسة الخدم التي وجدت مقتولة في مصعد الطعام الذي يوصل لغرفة "البارون"، كما كان الناس يسمعون صوت البارون يصرخ بشدة مع أخته التي كانت جثة قد ماتت.

مات البارون ودُفن في الكنيسة المجاورة لقصره، ومنذ وفاته والقصر مهجور لا تسكنه سوي الخفافيش، ويدعي البعض رؤية حرائق تشتعل بداخله دون تدخل من أحد، بالإضافة إلى سماع أصوات غريبة تصدر منه لتثير المخاوف، ولم يتوصل أحد لحقيقة تلك الأحداث المريبة وما مصدرها.

والجدير بالذكر أن حكاية القصر كان لها دور في بعض الأعمال الفنية، حيث تم تصوير العديد من الأفلام والأغاني بداخل القصر، منها فيلم "الهارب"، و"آسف على الإزعاج"، كما صُور فيلم 3D والذي يحمل عنوان "المنطقة المحظورة"، والذي يحكي قصة القصر وما تدور داخله من أحداث.

و في الفترة الأخيرة قامت مؤسسة "تراث هليوبوليس" بمشروع تطوير قصر البارون وذلك لتحويل القصر إلى متحف حديث يعرض فيه الآثار المصرية التي توجد في المخازن واستخدام حديقة القصر كمكان لإقامة الأنشطة الثقافية.