ننشر حيثيات الحكم بتعويض أسري حربي 1956 و1967

حوادث

المحكمة الإدارية
المحكمة الإدارية العليا


أودعت المحكمة الإدارية العليا، حيثيات حكمها الصادر بإلزام الحكومة المصرية باتخاذ الإجراءات الكفيلة بالقصاص للأسرى المصريين، خلال حربي 1956 و1967، وتعويضهم عما لحق بهم من جرائم قتل وتعذيب، أن أوراق الدعوى أظهرت أن الحكومة المصرية فرطت في دماء الشهداء الذين استشهدوا في الأسر على يد جنود إسرائيليين، وتهاونت في حق الأسرى الذي عذبوا في الأسر، وخذلت حقوق المواطنين بتقاعسها عن مطالبة إسرائيل بالتحقيق في تلك الجرائم.

وأضافت المحكمة، أنه ثبت لها من الأوراق أن أفرادا من جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكبوا جرائم قتل وتعذيب للأسرى المصريين من العسكريين بعد وقوعهم في الأسر عامي 1956 و1967، كما قتلوا وعذبوا مواطنين مدنيين ليست لهم صفة عسكرية من الموظفين والعمال والأفراد العاديين، حسبما كشفت الأوراق.

وأشارت إلى أن بعض أفراد الجيش الإسرائيلي أفصحوا لوسائل الإعلام الإسرائيلية عن ارتكابهم تلك المجازر الوحشية في حق أبناء مصر، كما أقدم الجيش الإسرائيلي على قتل المدنيين المصريين في مدن القناة ودمر مساكن وممتلكات المواطنين عام 1967 وأثناء حرب الاستنزاف.

وأكدت المحكمة أن ما أقدم عليه الجيش الإسرائيلي من أعمال تشكل جرائم حرب وإبادة للجنس البشري، وأنها ارتكبت حروب عدوانية غير مشروعة وفقاً للقانون الدولي لا تسقط بالتقادم .

وأشارت المحكمة إلى أن اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 التي وقعت عليها مصر وإسرائيل، توفر لمصر الحق في مطالبة إسرائيل بإجراء التحقيق في الادعاءات بقتل الأسرى المصريين وتلتزم إسرائيل بإجراء التحقيق وملاحقة المتهمين، كما تتيح بنود معاهدة السلام نفس الأمر.

وعلى صعيد موقف الحكومة المصرية إزاء ما سبق، قالت المحكمة: "إن الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الخارجية لم تقم في مواجهة بث التلفزيون الإسرائيلي للفيلم الوثائقي "روح شاكيد" والذي يظهر مقتل 250 جنديا مصريا خلال حرب 1967 على أيدي الجيش الإسرائيلي، سوى بإجراءات دبلوماسية خجولة ومحدودة الأثر ولا ترقى لمستوى الحدث.

وشددت المحكمة على أن ما اتخذته وزارة الخارجية من إجراءات لم يثبت أن أياً منها قد أحدث أثراً، كما لم يثبت أن وزارة الخارجية تابعت المطالبة أو صعدت من وسائلها الدبلوماسية والقانونية. 

وقالت المحكمة:"لم تقدم وزارة الخارجية حتى حجز ذلك الطعن للحكم وعلى مدى سنوات أعقبت صدور حكم محكمة القضاء الإداري ما يثبت أنها قامت بما يجب عليها في سبيل محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين الذي قتلوا أسرى الحرب والمدنيين المصريين، رغم وجود الآلية القانونية التي تتيح ذلك.

وأشارت المحكمة إلى أن هيئة القضاء العسكري على ارسلت رداً على الدعوى دفعت فيه برفض الدعوى على سند أنه يوجد بقيادات المناطق العسكرية والحيوش مقابر للشهداء يُرمز لها بمقابر الجندي المجهول، وأن مجهودات القوات المسلحة تتم وفقاً لما تتيحه الاتفاقيات الدولية المنظمة لأسرى الحرب.

ورداً على ذلك قالت المحكمة إن ذلك الرد لم يحدد أي إجراء أو عمل اتخذ بالفعل للمطالبة بحقوق أفراد القوات المسلحة الذين قتلوا في الأسر أو عذبوا وفقاً لما تتيحه اتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بحماية أسرى الحرب، كما لم يحدد اي عمل أو إجراء فعلي أتخذ للمطالبة بالتعويض عن قتل وتعذيب الأسرى المصريين وفقاً للمادة الثامنة من معاهدة السلام المبرمة مع إسرائيل.

وأكدت المحكمة أنه لا توجد صلة بين إقامة مقابر للشهداء أو للجندي المجهول في قيادات الجيوش والمناطق العسكرية وبين المطالبة بحقوق أبناء الوطن الذين استجابوا لنداء الشرف والواجب وكانوا ضمن أفراد القوات المسلحة في الحروب المشار إليها وقدموا أنفسهم دفاعاً عن الوطن وقتلوا غدراً وغيلة أثناء الأسر أو عذبوا وأهينوا على خلاف ما تقضي به أحكام القانون الدولي والاتفاقيات الدولية.

وشددت المحكمة على أن التكريم الحقيقي للشهداء من الأسرى يكون بعقاب من قتلهم غدراً وبإلزام دولة العدوان بتعويض ذويهم ، حتى لا يتجرأ أحد على ارتكاب تلك الجرائم بخق جيش مصر، مستطردة :" أما إذا هان المواطن المصري على دولته فإنه يهون على الدول الأخرى.
 
ونوهت المحكمة إلى أن من الوقائع والمعلومات المعلومة للكافة أن إسرائيل وغيرها من الدول الأجنبية اتخذت إجراءات لدى السلطات في مصر في أكثر من واقعة تتعلق بحماية حقوق مواطنيها، ومنها حالات تتعلق بمواطن واحد، واستجاب مجلس الوزراء ووزارة الخارجية في مصر ووفرت الحماية الجنائية ودفعت التعويضات للأجانب، ومن ثم فيجب عليها إن لم تبادر إلى القيام بواجبها في حماية حقوق المواطنين المصريين خضوعاً لأحكام الدستور الذي يلزمها بذلك، أن تتدخل لحماية تلك الحقوق إعمالاً لمبدأ المعاملة بالمثل بين الدول.