"الداخلية" في 2016.. أوسكار انتهاكات (حصاد)

تقارير وحوارات

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


لا جاحد ينكر جهود وزارة الداخلية في مواجهة الإرهاب الذي زاد مع سقوط جماعة الإخوان في 30 يونيو 2013، ويخلف العشرات من الشهداء، إلا أنّ تلك الجهود قد تذهب هباءً بسبب تصرفات بعض المنتمين للبذلة الميري الذين يسيئون للوزارة والمؤسسة الأمنية. 

تعذيب وانتهاكات ومخالفات وغطرسة وممارسات قمعية.. على تلك الممارسات ثار الشعب في 25 يناير على نظام استخدم الأمن أداه للقمع والبطش، فكانت أقسام الشرطة والمباني الأمنية قِبلة الغاضبين أثناء أحداث الثورة. ويتخوف العديد من تلك الممارسات التي تؤجج وتزيد من غضب المواطنين تجاه الوزارة، ويظن مرتكبيها أنها لا تسئ ولا تتسبب في بناء صورة سيئة لمؤسسة تقاتل من أجل فرض الأمن والآمان والقضاء على الإرهاب. 

على مدار أشهر السنة التي تنقضي بعد ساعات، كانت مصر شاهدة على انتهاكات وممارسات غير قانونية قام بها بعض أفرد الشرطة ويرصدها "الفجر" في تقريره على النحو التالي، ويُنظر بعدها أمام القضاء: 
 
بائع الشاي
هزت واقعة مقتل بائع شاي في مدينة الرحاب مصر، إذ أطلق عليه أمين الشرطة السيد زينهم عبد الرازق رصاصة من سلاحه الميري، أدت إلى مقتله وإصابة اثنين من المارة، إثر خلاف بينهم على سعر المشروبات، وقد حُكم على أمين الشرطة بالسجن المؤبد بعد ذلك.
قتيل أبو النمرس
الخفير الذي لقي مصرعه في منطقة أبو النمرس بالجيزة، حيث اتهمت أسرته الشرطة بقتله أثناء القبض عليه، بينما أصدرت وزارة الداخلية، بيانًا، كشفت فيه أنه أثناء مرور قوة من مركز شرطة أبو النمرس اشتبهت في "ياسر. ص. س"، وتبين أنه خفير خصوصي، وضبط بحوزته سلاح ناري غير مرخص.

وقال مسؤول مركز الإعلام الأمني وقتها، إنه أثناء اصطحابه للمركز أصيب بتشنجات وحالة إعياء شديد، فبادر أفراد القوة باصطحابه إلى مستشفى أبو النمرس المركزي لإسعافه إلا أنه توفى فور وصوله.

بائع السمك
كمال المحضي، الذي لقي مصرعه  في شهر يونيو الماضي، على يد أفراد من الشرطة، بعد تعرضه للتعذيب أفضى به إلى الموت، وذلك عقب فض مشاجرة داخل السوق، وفي المقابل نفت وزارة الداخلية تورط أيًا من أفرادها في قتل بائع السمك، وبررت وفاته بتعرضه لأزمة قلبية مفاجئة.

مجدي مكين
سائق "الكارو" الذي اصطدم بعربة الشرطة، وأوقفته عناصر الشرطة المتواجدة بالعربة لاستجوابه،  بينما كان يؤكد لهم أن اصطدامه بعربة الشرطة حدث بدون قصد، وبعد مشادات كلامية، حاول الهرب، لكن تمكن رجال الشرطة من إمساكه، وبعد احتجازه في قسم الأميرية، تم الاتصال بأهله ليستلموا مجدي جثة هامدة ميتة.

ونفت تحقيقات النيابة ذلك، مؤكدة أن رجال مباحث الأميرية ألقوا القبض على 3 أشخاص بحوزتهم  2000 قرص مخدر، بعد مطاردة أمنية فى شوارع الأميرية داخل عربة "كارو"، وتم اقتيادهم إلى قسم شرطة الأميرية، وأثناء تحرير محضر بالواقعة، سقط أحد المتهمين "مجدى مكين" 51 على الأرض وحاول ضباط القسم إسعافه لكنه لفظ أنفاسه الأخيرة.

أطباء المطرية
اعتدى عدد من أمناء الشرطة بالاعتداء على أطباء بمستشفى بالمطرية أثناء تأديتهم عملهم؛ بسبب رفضهما كتابة تقرير طبي مزور،  ذلك بحسب  تقرير أصدرته نقابة الأطباء  في 28 يناير الماضي.

وأكد الدكتور سمير التوني عضو نقابة الأطباء، أنه لم يتم رصد أي حالات اعتداءات أخرى من قِبَل الشرطة تجاه أي أطباء أثناء أداء عملهم سوى واقعة أطباء المطرية، والتي وصفها بأنها فعل غاشم واستخدام جائر للسلطة، وانتهاك للقوانين وترويع للمرضى.

 وأضاف: كنت أنتظر وجود شفافية في التعامل بشأن هذه الواقعة، و تغليظ العقوبة على مثل هذه الممارسات، أو تحويل هذه النوعية من القضايا إلى الجنايات بدلاً من الجنح، ولكن، لم يحدث أي شيء من هذا.

اختفاء قسري
وفيما يخص حالات الاختفاء القسري، قال المجلس القومي لحقوق الإنسان، في تقريره السنوي إن مكتب الشكاوى التابع له تبلغ بحصول 266 حالة اختفاء قسري تم توثيقها بين إبريل 2015 حتى مارس 2016، بينها 27 حالة، قالت وزارة الداخلية إنها أفرجت عن أصحابها عقب تأكدها من عدم تورطهم في أعمال مخالفة للقانون، فيما بقي 143 آخرون محبوسين احتياطيًا على ذمة التحقيق.

وفي يناير 2016 صرح محمد فايق، رئيس المجلس، بأن وزارة الداخلية ردت على  118 حالة اختفاء قسري، من أصل 191 حالة تقدم بها المجلس للوزارة، حيث أعلنت الوزارة عن إخلاء سبيل 15 حالة من قِبَل جهات التحقيق لسلامة موقفهم، واستمرار إيداع 99 منهم على ذمة قضايا متنوعة، وهروب ثلاث متهمين على ذمة قضايا.
 
تعذب وسوء معاملة 
مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب (مركز حقوقي غير حكومي)، أصدر تقريرًا  رصد فيه انتهاكات وزارة الداخلية في الفترة من 8 يونيو 2014 حتى 7 يونيو 2016، وشملت 915 حالة تعذيب وسوء معاملة، بينها 116 واقعة تعذيب جماعي، إلى جانب 597 حالة إهمال طبي في أماكن الاحتجاز.

كما أصدر "النديم" تقريرًا، رصد فيه  195 حالة قتل من بينهم 11 حالة نتيجة الإهمال الطبي، و8 حالات نتيجة التعذيب، ورصد 42 حالة تعذيب، و60 حالة إهمال طبي، و20 حالة عنف جماعي، و66 حالة إخفاء قسري من بينهم ثلاث حالات اختفاء بعد إخلاء سبيل من النيابة، وشاب أُخفي قسريًا رهينة عن شقيقه، و32 حالة ظهور بعد إخفاء، ظهرت جميعها ما بين نيابات أمن الدولة أو النيابات العامة، يلي ذلك الأقسام والسجون.

وأكد طارق زغلول المدير التنفيذي للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان تلقيهم إخطارًا عن 103 حالات انتهاك وتعذيب من داخل وخارج السجون، وكذلك وجود 103 حالة اختفاء قسري.
بينما نفى المحامي حليم حنيش، محامي المفوضية المصرية للحقوق والحريات وجود أرقام أو إحصائيات مؤكدة تشمل كل حالات التعرض للانتهاكات داخل السجون. ولكنه أيضًا، أكد قائلاً: مما لا شك فيه, أن غالبية المسجونين يتعرضون للانتهاك والإهانة، باختلاف درجتها ونوعها.

وردًا على محاولات نفي وجود أي تعذيب داخل السجون قال خالد البلشي، رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين إنه تم إصدار أحكام بـ 6 ملايين جنيه لـ 239 ضحية تعذيب، لصالح المحامي محمد زارع، مما يؤكد وجود انتهاكات بالفعل داخل السجون.

حالات قتل 
أما في تقرير مركز النديم الصادر في يوليو 2016، رصد "النديم" 100 حالة قتل خلال شهر يونيو، بينهم 8 حالات تصفية جسدية، و3 بطلق ناري في مشاجرة مع الشرطة، و11 حالة وفاة داخل أماكن الاحتجاز، منهم 8 نتيجة الإهمال الطبي، وحالتين نتيجة التعذيب.

وبحسب التقرير العالمي لـ Human Rights watch  ، فقد وثقت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات – وهي مجموعة مستقلة – 47 حالة وفاة رهن الاحتجاز بين شهري يناير ويونيو 2016.

انتهاكات ضد الصحفيين
كما صرح "صحفيون ضد التعذيب" بوجود 545 انتهاكًا ضد الصحفيين خلال 2016 فقط.

وأوضح التقرير، الصادر بتاريخ 10 أكتوبر 2016، أن تلك الحالات الموثقة توثيق مباشر، في أغلبها، تعد فقط ما استطاع المرصد توثيقه، بينما هناك العديد من الانتهاكات الجماعية التي تقع يوميًا، مثل حالات المنع من التغطية بالأخص داخل المحاكم أثناء القضايا السياسية.

وعن أبرز الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيين، في الربع الثالث من 2016، تراوحت بين منع من التغطية ومسح محتوى الكاميرا، وسُجلت 36 واقعة، وكذلك  التعدي بالضرب أو إحداث إصابة، كما يتعرض الصحفيون للاستيقاف والتفتيش، فضلا عن التعدي بالقول والتهديد، أو تقديم بلاغات للنيابة، كما تحدث التقرير عن حالات احتجاز غير قانوني وعملية قبض وإحالة للنيابة.

في سابقة هي الأولى في تاريخ مصر، اقتحمت قوات الأمن مقر نقابة الصحفيين بوسط القاهرة في مايو 2016، واعتقلت صحفيين لمشاركتها في أنشطة احتجاجية ضد اعتراف مصر بتبعية تيران وصنافير للسعودية.

بينما، أنكرت وزارة الداخلية في بيان لها عملية الاقتحام، مؤكدين أن "بدر" و"السقا" سلّما نفسيهما للقوات المقتحمة التي لم تتعد الضباط الخمسة. كما استنكر بيان لنقابة الصحفيين بيان وزارة الداخلية، مؤكدين حدوث الاقتحام والتعدي. 

وصدر قرار النيابة العامة بإحالة يحيى قلاش وجمال عبد الرحيم السكرتير العام للنقابة وخالد البلشي وكيل النقابة إلى المحاكمة الجنائية العاجلة أمام محكمة الجنح، وذلك لاتهامهم بإيواء صحفيين صادر بحقهم أمر قضائي بالضبط والإحضار.

فيما وثق المرصد أيضا واقعات انتهاك تشمل، توقيع إجراء إداري تأديبي، واستيلاء على معدات صحفية، وأحكام بالحبس، وسُجلت حالات تحرض وفرض غرامات مالية انتهاءً بقرارات حظر النشر ومنع دخول نقابة الصحفيين.

وكشف التقرير أن وزارة الداخلية كان لها نصيب الأسد في عدد الانتهاكات التي ارتكبت على يديها، ثم تلاها المواطنون، جاء القضاء في المرتبة الثالثة، حيث وُثِقت 16 حالة انتهاك، مثل منع التغطية بمحيط المحكمة أو داخل الجلسة، وامتدت قائمة مرتكبي الانتهاكات ضد الصحافة لتشمل جهات حكومية ومسؤولين، ومؤسسات صحفية.

كما  كشف التقرير أن مراسلي "الصحف المصرية الخاصة" هم الأكثر تعرضًا للانتهاكات، بعدد 41 انتهاكًا، وتلاهم "شبكات أخبار وصحف إلكترونية"، بعدد 12 انتهاكًا، جاء أيضًا بالتقرير الصحفيين المستقلين، وكذلك الصحف المصرية الحكومية، 7 حالات وُثِقت، كما تم توثيق 24 حالة لجهات حكومية غير معروفة.

وذكر التقرير أيضًا أن عام 2016 شهد تصاعد في وتيرة الانتهاكات بحق حرية الصحافة، بالمقارنة مع الانتهاكات التي وقعت في 2015، الذي شهد في الربع الثالث 168 حالة فقط، وهو ما يعكس توجه الدولة نحو مزيد من  خنق المجال العام، وتكريس لحالة التعتيم الإعلامي.