بعد إعلانها رسميا.. الدستور يجبر السيسي والبرلمان على التصالح مع الإخوان مقابل 5 شروط

تقارير وحوارات

عبدالفتاح السيسي
عبدالفتاح السيسي


"ندعو حكماء الشعب المصري وحكماء الدنيا لرسم صورة واضحة للمصالحة بين أطراف الأزمة المصرية، من أجل تحقيق السلم والأمن لكل الأمة المصرية دون مداهنة أو خداع أو كذب على الناس، ونحن جادون في هذا الأمر، وعندها تكون ردود الفعل".. بهذه الكلمات أعلن نائب المرشد العام لجماعة الإخوان، إبراهيم منير، نيته للتصالح مع النظام، منتظرًا رد فعل السيسي.

هذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها جماعة الإخوان رسميًا طلبها للتصالح مع النظام، ففي صباح 18 يونيو، ومع أولى لحظات دخول المصالحة مع الإخوان مرحلة الترتيبات قبل الأخيرة، أعلن محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام، عن وثيقة للتصالح، وهي المرة الأولى التي يقدّم فيها يد السلام علنًا بعد أن امتدت سرًا في أكثر من مناسبة، لكن السيسي أبدى أكثر من مرة عدم ممانعته للتصالح مع الجماعة لكن بشروط.

السيسي يرمي الكرة في ملعب الشعب للمصالحة مع الإخوان

آخر مرة تحدث فيها الرئيس عن المصالحة مع الجماعة، كان خلال مؤتمر الشباب الأول الذي عقد بمحافظة شرم الشيخ، قائلًا: "مش هقدر آخد فيها قرار لوحدي".
 
وأضاف: "المصالحة مش هقدر آخد فيها قرار لوحدي، دا قرار دولة، وأنا أكتر واحد أتحت ليهم فرصة في 3- 7، والبيان الذي تم إصداره كان متزنًا للغاية، وأنا مش طالب من حد يغير أفكاره علشاني، أنا بقبل كل الأفكار، لكن مارسوا أفكاركم بدون ما تهدوا بلدكم".

وقبلها، حين عقد الرئيس حوارًا شاملًا مع الإعلامي أسامة كمال، تحدث مجددًا عن جماعة الإخوان وفترة حكمها لمصر، مؤكدًا أنهم دخلوا في صراع كبير مع ‏مؤسسات الدولة والرأي العام، ووضعوا الدولة في مشكلة كبرى، وفشلوا في إرضاء المصريين.

وأضاف: "بذلنا كل الجهود للإصلاح بين القائمين على الدولة، والمجتمع في 30 يونيو، وكنت قلقًا من ‏حدوث صراع بين الدولة قبل 30 يونيو والشعب، كما أن‎ ‎مصر‎ ‎دفعت ثمنًا كبيرًا خلال السنوات الثلاث ‏الماضية‎ ‎والشعب المصري تحمل".‏

وتابع: "أننا قدمنا النصح للإخوان لتلبية طلبات الشعب‎ ‎المصري، وحاولنا الإصلاح وإيجاد صيغة للتفاهم ‏قبل 30 يونيو، وما قمنا به قبل 30 يونيو كان انطلاقًا من القسم لحماية‎ ‎المصريين، استدعينا نفسنا (قاصدًا الجيش)؛ لأننا شعرنا بالمسؤولية تجاه أهلنا".

وحين عقد الرئيس خلال أبريل الماضي، لقاء مع بعض ممثلي الشعب المصري في قصر الاتحادية، تحدث مجددًا عن فترة حكم الإخوان، بتأكيده أنه ينتمي إلى مؤسسة الجيش التى تحافظ على كل ذرة رمل في الوطن، وأن ما تم تقديمه في بيان 3 يوليو كان فرصة لإعادة الدورة السياسية لكل المصريين.
 
وأوضح أن الجيش تمسك بموقفه في عزل محمد مرسي، إرضاءً للشعب المصري، ولكنه لم يتآمر على أحد وأدى واجبه ‏بكل إخلاص وأمانة، قائلًا: "‏قدمنا للرئيس الأسبق تقدير موقف للتحديات الموجودة وطرق حلها، وأكدنا له أنه طالما ‏يحظى بدعم الشعب لن يتدخل الجيش أبدًا".

وفي 4 نوفمبر عام 2015، أجرى الرئيس حوارًا مع هيئة الإذاعة البريطانية، التي سألته حول نية الدولة في التصالح مع الجماعة، فرد قائلًا: "جماعة ‏الإخوان جزء من دولة مصر الديموقراطية، والشعب المصري وحده يرجع له القرار في ‏أن يجعلهم يلعبون دور آخر في مستقبل البلاد".‏

وأشار الرئيس إلى أن العشرات من المنتمين لجماعة الإخوان، ممن تم الحكم عليهم بالإعدام بسبب ‏الإضرابات التي تزامنت مع الإطاحة بالمعزول مرسي، لن يتم الحكم عليهم بالإعدام؛ لأن الحكم كان ‏غيابيًا على الكثير منهم، بالاضافة إلى أنهم سيطلبون الاستئناف في هذه الأحكام.‏

ولم يمر كثيرًا، حتى تلاه حوار آخر مع صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، وهو اللقاء الذي أكد فيه أن الجماعة هي من تلجأ للعنف ضد الدولة، ولاتريد المشاركة بشكل بناء في مسيرة الديمقراطية.‏
 
واتساقًا مع تصريحه الأول، فقد ذكر الرئيس خلال سبتمبر 2015، أن جماعة الإخوان أزمتها مع الشعب المصري، وليست مع النظام أو الحكومة، قائلًا: "الجماعة قدمت خلال العامين الماضيين انطباعًا للشعب من الصعب نسيانه لما قاموا به من أعمال ‏شغب وعنف"، جاء ذلك خلال حوار له مع وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية.

الدستور يحتم على السيسي المصالحة مع الإخوان

الكاتب عبدالله السناوي، قال إن السيسي يتعرض لضغوط اقتصادية وسياسية من الدول الغربية، لكي يفتح القنوات السياسية المسدودة في البلاد؛ عبر إجراء مصالحة مع جماعة الإخوان، وإعادة دمجها في المشهد المصري.

وأوضح السناوي في مقال سابق له بصحيفة الشروق، أن الدول الغربية تخشى حدوث انهيار اقتصادي واجتماعي إذا استمرت الأوضاع في مصر على ما هي عليه؛ من انغلاق المجال العام، واستمرار القمع وحملات التحريض.

وأكد أن النظام في ورطة، حيث إن قبوله بإعادة دمج الجماعة مستحيل، وممانعته مكلفة، مشيرا إلى أن بعض الجهات الأمنية لا تمانع في التصالح مع "الإخوان" بسبب خبرتها السابقة في التعامل مع الجماعة.

ويحتم الدستور المصري المستفتى عليه في يناير 2014، أن يسن مجلس النواب قانونا جديدا للعدالة الانتقالية، يضع إطارا عاما للمصالحة الوطنية، ولتعويض ضحايا العنف وفقا للمعايير الدولية.

وقال وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، المستشار مجدي العجاتي، في تصريحات صحفية سابقة، إن هذا القانون اشترط لإجراء مصالحات سياسية؛ نبذ العمل السري والتمييز بين المواطنين، بالإضافة إلى الاعتراف بالأخطاء، والتعهد بعدم تكرارها في المستقبل، والفصل بين الديني والدعوي، والفصل بين السياسي والوطني.

ويرى مراقبون أن نصوص القانون تشير بوضوح إلى المصالحة مع "الإخوان"، وهو الأمر الذي تسبب في تأخير إقرار القانون بسبب عدم إتمام ملف المصالحة بين النظام والجماعة.

شروط السيسي والحكومة للمصالحة

"هناك مصالحة مع الإخوان من غير المتورِّطين في الدماء تجرى يومًا ما، وذلك اليوم قريب جدًا.. ده مش رأيي الشخصي، لم أقل شيئًا جديدًا ومن يعترض على كلامي، عليه أن يقرأ الدستور".. كلمات نطق بها مجدي العجاتي وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، كاشفًا أن نية المصالحة مبيتة لدى الحكومة.

الحكومة وضعت عددًا من الشروط لإجراء مصالحة مع جماعة الإخوان، وتتركز تلك الشروط بحسب وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، في عدم تلوث أيدي المنضوين في المصالحة بالدماء، بالإضافة إلى إدانتهم للعنف.

وشدد العجاتي وقتها على أهمية توفر "نيات صادقة" لدى الجماعة بعيدا عن المناورة، وأن يعترفوا بأخطائهم، ويدينوا الهجمات الأخيرة التي وقعت في مصر، إضافة إلى إجراء الإخوان مراجعات فقهية وفكرية، كما فعلت الجماعات الإسلامية في التسعينيات، عندما أقدمت على إجراء المراجعات، واعترفت بأنها ضلت الطريق.

موقف الجماعة من شروط السيسي

انشقّ الإخوان إلى فريقين بعد 30 يونيو، جبهة محمود عزت (الملقّبة بفريق العواجيز)، وجبهة محمد كمال (التي يديرها الشباب)، ولا تزال المعركة دائرة بين الفريقين في إسطنبول ولندن.

بالنسبة إلى فريق "عزت"، لا يجد حرجًا في أن يعود إلى أحضان القاهرة بالطريقة التي اعتادها طوال تاريخه، أما فريق الشباب، الذي وضع نفسه تحت إمرة "كمال"، يرفع شعار "لا مفاوضات على دم" رافضًا المصالحة مع السيسي.