من كليوباترا إلى مهاويس الحب.. "الانتحار" بوابة المصريين للتخلص من الأزمات عبر العصور (تحقيق)

تقارير وحوارات

انتحار الشباب
انتحار الشباب


 

3 آلاف محاولة انتحار بين الشباب المصري سنويًا

الظاهرة بدأت بالملكة كليوباترا.. وانتهت بقاتلي أنفسهم من أجل الحب

"القومي للبحوث الإجتماعية": "فيه ناس بتنتحر عشان فاكره إنها هتروح الجنة"

أساتذة علم النفس: الإكتئاب العقلي سمة أساسية في انتحار الشباب

"البحوث الاسلامية": ضعف الشباب الإيماني وراء الانتحار

مظهر شاهين: يٌعذر المنتحر في هذه الحالة

 

"للانتحار وجوه كثيرة" هذا هو الوصف الأدق لتلك الظاهرة التي تفشت في المجتمع خلال الفترة الأخيرة، بعد إقدام نحو 3 آلاف شاب على الانتحار، وبالإضافة إلى 15 ألف حالة ليسوا بعمر الشباب بشكل سنوي، تجسد مأساة أسر مصرية ودعت أبناءها، بعد أن أقدموا على الانتحار مفارقين الحياة إلى رب السماء، نتيجة ضغوط نفسية واجتماعية واقتصادية وأحيانًا نفسية، غير مدركين ما ينتظرهم في الحياة الأخرى.

وسائل بسيطة يلجأ إليها المنتحرين للوصول إلى غايتهم وهي التخلص من الحياة سواء الشنق أو تعاطي السموم، أما عن أحدث وسائل الانتحار التي ابتدعها الشباب هو إلقاء أنفسهم تحت عجلات مترو الأنفاق في محاولة منهم لتوصيل قضية ذويهم من الشباب المحبط للمجتمع.

دراسات: الكبت السياسي والعنوسة أبرز أسباب الانتحار

 

وعن أسباب الانتحار فتشير دراسات اجتماعية إلى أن العنوسة والبطالة والكبت السياسي في مصر، هم أبرز أسباب الانتحار لدى الشباب المصري بجانب قصص الحب الفاشل بين المراهقين، فوفقًا للتقارير التي أعلنت عنها منظمة الصحة العالمية والمركز القومي للسموم ووزارة الداخلية أن عدد المنتحرين سنويا تجاوز 4250 منتحرا.

وفي إحصائية صادرة عن المركز القومي للسموم التابع لجامعة القاهرة كشفت عن تزايد أعداد الشباب المصريين المنتحرين بسبب العنوسة والبطالة، وسجلت الإحصائيات وقوع 2355 حالة انتحار بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 22 و23 عامًا خلال عام واحد طبقا للإحصائيات الرسمية، ثم وصل العدد إلى 4200 في عام 2008، وفي عام 2009، بلغت محاولات الانتحار في مصر 104 آلاف حالة، بينما في 2011 وصل المعدل لنحو 18 ألف حالة محاولة انتحار وصلت إلى مركز السموم خلال العام ولكن أغلبهم من الرجال.

ومع الثورات العربية وضيق الحياة السياسية تزايدات حالة الإنتحار؛ ففي يوم 21من يناير 2011 قبيل ثورة 25 يناير مباشرا وقعت 7 محاولات للانتحار توفي منها 4 حالات، ونجحت قوات الأمن في منع 3 حالات منهم قاموا بحرق أنفسهم أمام مجلس الشعب وتتالت حوادث الانتحار فى مصر طوال الأيام التالية، وفى يوم 24 من يناير 2011 شهد 4 محاولات انتحار.

وتقرير الأمن العام الذي تصدره وزارة الداخلية المصرية سنويا ذكر أن عام 2011 شهد 253 حالة انتحار وشروع في الانتحار، زادت لتصل إلى 310 حالات في 2012، وفي عام 2012، صنفت منظمة الصحة العالمية مصر من بين أقل الدول في معدلات الانتحار، بأقل من خمس حالات بين كل 100 ألف شخص.

أشهر حالات الانتحار بين المصريين

 

 الانتحار ليس وليد تلك الأيام، فمن بين أشهر المنتحرين في التاريخ المصري الملكة كليوباترا، كذلك الكاتبة أروى صالح كاتبة وناشطة مصرية، وإسماعيل أدهم كاتب مصري ألف عدداً من الكتب أشهرها "لماذا أنا ملحد"، ثم إنتهت في الوقت الحالي بالإنتحار من أجل الحب فقط.

ومن بين المنتحرين بسبب السياسة، الناشطة السياسية زينب مهدى التي شنقت نفسها اعتراضًا على تردى الأوضاع السياسية في مصر، ويأسها من حدوث أي تغيير، بعد أن مرت بحالة اكتئاب بعد سقوط أبو الفتوح في الانتخابات الرئاسية قبل الماضية.

"القومي للبحوث الاجتماعية": "ناس بتنتحر عشان فاكره إنها هتروح الجنة"

 

ومن جانبها قالت الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن للانتحار أسباب عديدة تهيئ للأشخاص حالة من الضعف، وعلى رأسها الأسباب النفسية والضغوط الإقتصادية والعاطفية، وباجتماع تلك الأسباب تحوله إلى شخص منفصل عن المجتمع وغير قادر على التحمل تدفعهم للتخلص من حياتهم.

وأوضحت "فايد"، في تصريحات لـ"الفجر" أن الأسباب السياسية وحدها غير كافية لإقدام الشباب على الانتحار ولكن لابد أن تجتمع الأسباب النفسية والاجتماعية والاقتصادية معها، مشيرًة إلى أن الجهل يلعب دور كبير في زيادة عدد المنتحرين في الفترة الأخيرة، قائلة: "فيه ناس بتنتحر عشان فاكرة إنها هتروح الجنة"، وهنا تلعب التوعية الدينية دور في مواجهة الظاهرة.

 

 

أساتذة علم النفس: الإكتئاب العقلي سمة أساسية للانتحار الشباب

 

وأشار الدكتور سمير عبدالفتاح، أستاذ علم نفس جامعة عين شمس، أن أسباب الانتحار ترجع إلى إصابة الشخص المنتحر بمرض الإكتئاب العقلي الذي يكون لديه شخصين داخله يحب أحدهم ويكره الآخر، وعندما يقدم على الإنتحار يهدف إلى التخلص من حياة الشخص الذي يكره وليس شخصه.

وأضاف "عبدالفتاح" لـ"الفجر" أن الاكتئاب العقلي منقسم إلى إكتئاب وراثي واخر بيئي، مشيرًا إلى أن أشدهم خطرًا هو الإكتئاب البيئي الذي ينتج عن عدم نجاح المجتمع في حماية الفرد، مما يجعل أهم ما يدور بداخله هو فكرة التخلص من المجتمع من خلال إقدامه على الإنتحار في عدة أشكال مختلفة.

"البحوث الاسلامية": ضعف الشباب الإيماني وراء الانتحار

 

قال الدكتور محمد رأفت عثمان، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن الأسباب الرئيسية وراء انتحار الشباب خاصة هو الضعف الإيماني في ظل إبتعاد بعض الشباب عن دينهم خلال الفترات الحالية بسبب الإنفتاح الذي تعيشه بعض الدولة العربية ومن بينها مصر.

وأضاف عضو مجمع البحوث الإسلامية، في تصريحات لـ"الفجر"، أن على الشباب الإقتداء بالأنبياء وعلى رأسهم الرسول صلى الله عليه وسلم بضرورة التحلي بالصبر وعدم الاستماع إلى الشيطان الذي يتمكن من وجدانهم في لحظة الانتحار، مطالبًا الأئمة بضرورة توجيه الشباب للطريق الصحيح  من خلال الخطب وتحذيرهم من الإنتحارخاصة بعد إنتشار الظاهرة خلال الفترة الماضية.

مظهر شاهين: يٌعذر المنتحر في هذه الحالة

 

ومن جانبه قال الدكتور مظهر شاهين، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن الانتحار حرام شرعًا، ولها أسباب كبيرة على رأسها الأمراض النفسية مثل الاكتئاب لأنه يؤدي غلى تساوي الحياة والموت عند الشخص المريض.

وأضاف "شاهين"، في تصريحات لـ"الفجر"، إذا كان الإنتحار سببه الأمراض النفسيه فيعذر صاحبه لأنه في حجم المريض والله تعالي يقول "ليس على المريض حرج"، لذلك فيعذر صاحبه ومصيره في الاخرة لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، لأن الأمراض تكون فوق تحمل الإنسان مثل مرض الاكتئاب والوسواس.

وأشار خطيب مسجد عمر مكرم إلى أن إذا كان الانتحار لسبب آخر مثل ضيق الحياة أو الحب أو المشاكل الحياتية، فهذا لا يوجد به عذر لأن الله تعالى قال: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما"، وهو في هذه الحالة يدل على ضعف إيمان الشخص.