د. رشا سمير تكتب: نون النسوة والتمثيل المُشرف

مقالات الرأي



عندما تفتق ذهن النائب الهُمام إلهامى عجينة عن تصريح نارى تمنى لو وضعه تحت الأضواء..وبالفعل أتى البوست ثماره..فقامت الدنيا ضده ولم تقعد..

رأيت أنها مجرد تصريحات هزلية بدأت بدعوة لختان الإناث وإنتهت بإقتراح لتوقيع كشوفات العذرية على طالبات الجامعة! وأصبح الخوف فقط من أن يطالب بتوقيع نفس الكشف على الأجانب أثناء زيارته مع البرلمان لشرم الشيخ (والسياحة يادوبك بتعافر)!.

الحقيقة أنا هنا لست بصدد التعليق على تصريحات النائب، فهى مجرد فقاعة هواء لا قيمة لها..لكن ما جعلنى أكتب اليوم فقط هو أن الشئ بالشئ يُذكر..

فبعد إنقضاء الدورة الأولى للبرلمان وبعد حصيلة بالأرقام للدورة تؤكد على أن هذا البرلمان صرف حوالى 43 مليون جنيه..فى مقابل 50 نائبا ونائبة لم ينطقوا بحرف واحد..وهكذا تصبح مصائب قوم عند قوم فوائد..

لقد إستفزت تلك التصريحات أخيرا بعض البرلمانيات ليقمن من غفوتهن ويقررن أن يفعلن شيئا إيجابيا بعد صمت طويل، فقررن أن يجمعن توقيعات لإقالته!..

ما أضحكنى بشدة هو أننى حين سمعت أسماء النائبات اللاتى وقعن على المذكرة..وجدت كل من حولى لم يسمعوا عن أسمائهن من قبل ولا حتى سمعن أصواتهن فى أى من الجلسات! (لدرجة أن فى منهم مافتحوش بقهم حتى علشان يتاوبوا)!.

وعلى نفس الغرار قام المجلس القومى للمرأة برفع قضية ضد النائب ذاته رافضين إعتذاره..وأخيرا..تمخض المجلس فولد فأرا!

الحقيقة أنا هنا لست بصدد الهجوم على البرلمانيات ولا على أعضاء المجلس القومى للمرأة، لكن أنا هنا بصدد سؤالهن وانتظر الإجابة: ماذا قدمن من خلال مناصبهن؟!

لقد تحمسنا بشدة لكوتة المرأة وصفقنا للتعيينات النسائية تحت قبة البرلمان، ولم نمتعض بل على العكس تفائلنا بالنائبات اللاتى فزن بمقاعد على سبيل المجاملة أوبالوراثة!..

وتحمسنا أكثر وأكثر كنساء لإختيارات الدولة من النساء مثلنا لتمثيلنا..وانتظرن الإنجازات..إنتظرن ماذا سيقدمن لقضايا المرأة فى مصر..المتزوجة والمطلقة، المُعيلة والفقيرة، المسلمة والمسيحية..وجاءت النتيجة المخزية من جميع الجهات: لا شئ!.

كانت أغلب العضوات ضيفات شرف، وتحول المنصب من التكليف إلى التشريف..

وذكرنى وجودهن بفريقنا القومى لكرة القدم حين كان يشارك فىالبطولات ويُلاقى هزيمة شنعاء، فيخرج المحللون الرياضيون مبررين مُهللين بجُملة: 

"معلش يا جماعة..يكفينا التمثيل المُشرف؟!" 

لقد تحولت الصورة إلى مجموعة نساء يحاولن الظهور والمزايدة على بعضهن البعض والصراع من أجل التصوير الفوتوغرافى (وناهيكم بقى عن السيلفى لزوم الإنستاجرام)!..

أنتظر هجوما عنيفا يتهمنى بالسلبية والحقد..وانتظر إستنكار شديد وانتظر أيضا ألف تبرير على إنجازاتهن!..

أقدر حقيقة دور مارجريت عازر فى محاولة مساواة الرجل بالمرأة فى قانون عقوبة الزنا..وأقدر حملة (تاء التأنيث) التى تُساهم فيها بعض النساء مثل النائبة أنيسة حسونة لمؤازرة المرأة..لكن من المخزى أن يكون دور النساء اللاتى يتطوعن للعمل فى الجمعيات المدنية الغير حكومية أهم وأكبر من دور النساء اللاتى إختارتهم الدولة لتمثيلها..

وهنا أتسائل عن المعنى الحقيقيلكلمة الإنجاز؟!.

الإنجاز سيداتى هو شئ مختلف، هو قفزة فوق الواقع، هوخطوة غير مسبوقة، هو فعل يفوق العادة..

لكن أن تنزل السيدات إلى النجوع ويثرثرن بكلام مسترسل ومعقد لا ينزل لمستوى البسطاء فى وجود مصور فوتوغرافى ليلتقط لهن الصور وهن يربتن على أكتاف السيدات البسيطاتويحتضنهن ثم تنزل الصور فى اليوم التالى على كل المواقع!.

هذا لا يمت بصلة للإنجاز..فهذا مجرد ظهور وتلميع لا يمت للمنصب بصلة..

ماذا قدمت البرلمانيات فى الدورة الأولى لنظيراتهن من النساء؟ أى قوانين؟ أى مشاريع؟! أى إستجوابات؟ أى حاجة بالصلاةُ على النبي!.

ما هو دور المجلس القومى للمرأة فى مصر؟ لماذا تم تأسيسه؟ وماهى حيثيات معايير إختيار عضواته؟ وهل هناك هدف محدد ونقاط واضحة لأهداف صريحة أم أن الموضوع مجرد (رحلة على ما تُفرج!)..

فى شهر يوليو الماضى تم تشكيل أول حكومة موازية للمرأة كمشروع مجتمعي غير مسبوق نابعمناحتياجحى،فريقكاملمنالنساء يشكل حكومة موازية..وتأكيد من رئيسة الحكومة على أنهن يعملن تحت مظلة جمعية أهلية وليس لهن أية أهداف سياسية.. وحتى الآن لم نسمع أى شئ عن تلك الحكومة سوى تشكيلها!..لا أحد يعلم من صاحب الفكرة ولا الغرض من الفكرة ولا معايير الإختيار؟..ولازلنا فى طور الإنتظار..يا مُسهل!.

وحيث أن الشئ بالشئ يُذكر فهذا ليس ببعيد عن إختيار مجلة فوربس لنساء مصريات ضمن المائة إمرأة عربية تأثيرا على مستوى العالم..ليقفز إسم مذيعة مصرية الجنسية خليجية المنشأ لم تعمل بمصر ولم تقدم أى شئ لوطنها غير زواجها من أثرياء عرب أتاحوا لها فرصة الأموال الطائلة التى فتحت بها شركة!..

ماهى معايير إختيار تلك المذيعة وغيرها؟ وماهو تأثيرها على المجتمع المصرى الذى لم تعيش فيه أصلا؟..مع العلم أن هناك أكثر من سيدة محترمة ضمن تلك القائمة رفعن إسم مصر بحق واستحققن اللقب عن  جدارة.. 

قد لا نستطيع توجيه اللوم إلى مجلة فوربس لأنها مجلة أجنبية، ولكن نستطيع لوم كل سيدة إئتمنها الوطن، وتعلقت بها أمال الكثيرات لتحسين أوضاع النساء في مصر وتبنى مشاكلهن..

إلى كل سيدة فى موقع مسئولية..نحن فى وقت حرج..لا يسمح بالتراخى ولا بالتجارب ولا بالطناش..
سيداتى المحترمات..إما أن تقدمن شيئاأو ترحلن!..التمثيل المُشرف مش كفاية!..