"شرق الإسكندرية" يغتال أحلام شباب "الطاقة الشمسية" على الكورنيش (فيديو وصور)

محافظات

عربة الطاقة الشمسية
عربة الطاقة الشمسية


رغم حادثة غرق مركب الهجرة غير الشرعية "رشيد" ولجوء الدولة لمناشدة الشباب بعدم الانصياع وراء تلك الأفكار، ومناشدتهم بالعدول عنها والانتظار لحين توافر فرص العمل في مصر، ولكن على أرض الواقع الأمر يختلف كثيرًا، بعدما تفاجأ 39 شابًا من الحاصلين على عربة الطاقة الشمسية على طريق كورنيش الإسكندرية، بقيام حي شرق بإرسال إنذار على يد شرطة المرافق لمطالبتهم بالرحيل عن العربة وعدم التجديد لهم لعام آخر، وهو الأمر الذي أجهض أحلام الشباب بعدما تبسمت لهم الحياة.

فكرة عربة الطاقة الشمسية قد بدأت في عهد الدكتور هانى المسيري، محافظ الإسكندرية السابق، عندما تقدمت بها شركة الأدهم للأعمال الخشبية، وكان الهدف منها هو تطبيق نموذج لعربات الباعة الجائلين تعمل بالطاقة الشمسية دون السماح بسرقة التيار الكهربائي، وقد تم تسليم العربات للشباب الذي جاء أغلبهم من خريجي الجامعات على أن يتم تقديم الأوراق المطلوبة من فيش جنائي إلى شهادة صحية وصور شخصية وغيرها، مع دفع مبلغ 6 آلاف جنيه عند الاستلام للحصول على الترخيص اللازم لمدة عام واحد ويتم تجديده لعام آخر.


سرعان ما تحول حلم الشباب الحاصلين على العربات إلى كابوس، بعدما تفاجأوا بقيام حي شرق بإبلاغهم بعدم تجديد ترخيص العربات، وإنذارهم بالرحيل بعد 3 أيام من إنذارهم، وهو الأمر الذي يقضي على آمال الشباب في المشروع الذي تحاكت به الإسكندرية، وأشاد به الكثيرون بعد أن ساعد في القضاء ولو بجزء بسيط من مشكلة البطالة، ويفتح تساؤلات عديدة حول الهدف من عدم استمرار هذا المشروع وتحويل أحلام بُنيت عليه إلى كابوس ونقطة مؤلمة في أذهان من عملوا عليه.

"الفجر" ذهبت لمكان تواجد شباب عربات "الطاقة الشمسية" على طريق كورنيش الإسكندرية، من أجل التعرف منهم أكثر عن الأزمة، وما سيمثله هذا القرار على حياتهم.

عبدالسلام محمد سليمان - 27 عامًا - يقف على إحدى العربات ليبيع الفشار والمشروبات الساخنة، تحدث لـ"الفجر" قائلًا: "بدأت العمل على العربة يوم 14 فبراير الماضى بعدما قمت بدفع 6 ألاف جنيه مقسمين على مرحلتين الأولى قبل التعاقد والثانية عند إمضاء العقد، ولكنني تفاجأت عند حصولي على الرخيص أن فترة انتهاء العقد 31 أكتوبر الجاري أي قبل 4 شهور من انتهاء مدة العام من استلامي العربة، كما أن عقدي وعقود جميع الشباب الذين قد استلموا العربات باسم شخص فقط يُدعى هُليل محمد سليمان وهذا الشخص مجهول لنا ولا نعرف عنه شيء، حتى قمنا برفع دعوى بالقضاء الإداري لوقف قرار الحي".

وأضاف "سليمان"، أن "مشروع عربات الطاقة الشمسية يقوم عليه أسر كاملة كل حلمهم أن يجدوا قوت يومهم بالحلال"، مشيرًا إلى أنه قبل الحصول على العربة، قدم على العديد من الأشغال والشركات والمصانع، ولكن دون فائدة، قائلًا: "عرفت بالمشروع ولما صدقت ربنا فتحها في وشي"، ورغم عدم امتلاكه لمبلغ 6 آلاف جنيه ثمن التعاقد على العربة إلا أنه قد تصرف في المبلغ عن طريق معارفه حتى حصل على المشروع وأصبح له زبون أمام مول سان ستيفانو، على حد قوله.

محمد صلاح الدين - 30 عامًا - يقف على عربة ترمس وحمص شام، قال إنه كان يعمل في صنعه وكان رزقه اليومي 50 جنيهًا، وكان هذا المبلغ لا يستطيع به أن يفتح منزل ويساعده على قضاء التزاماته، وبعد علمه بالمشروع عن طريق صديق له، تقدم له في مبنى الحي، وقام باستيفاء كافة الأوراق والشروط المطلوبة للحصول على العربة، وكان يظن أن هذا تحول كبير في حياته من العمل فى مكان إلى آخر وعدم مضايقة البلدية أو شرطة المرافق له، خاصة أنه قد عانى منهم من قبل عندما كان يعمل كبائع متجول، مشيرًا إلى أن قرار الحى بوقف تجديد تراخيص العربة لهم غير عادل بالمرة، ويقضي على أحلام جميع الشباب الذين يعملون على العربات.

وأردف "صلاح الدين"، أن عربة الطاقة الشمسية رزقها واسع، ولكن الرزق الحلال دائمًا ما يأتي بالموت، مشيرًا إلى أن "المسؤولين لا يريدون أن يتركوا الشباب لبناء مستقبلهم، وعربات الطاقة الشمسية كانت أكبر دليل على تحضر المسؤولين ووقوفهم إلى جانب الشباب، بدلًا من أن يقوموا بإلقاء أنفسهم في مركب للهجرة غير الشرعية ويعرضون حياتهم للموت المحقق لأن بلادهم مش سايبهم فى حالهم".

وقال عادل العبد 53 عامًا - ليسانس آداب - واقفًا على عربة مشروبات، إن حي شرق أرسل شخصًا وأبلغهم بضرورة ترك العربات قبل 3 أيام رغم أن الرخصة الخاصة به لم تنته بعد، مضيفًا: "هروح فين بعد ما أديلهم العربية"، مشيرًا إلى أنه عمل لمدة 20 عامًا في مدينة شرم الشيخ وكان من أوائل المؤسسين لدهب، ولكن لظروف خارجة عن إرادته رجع إلى الإسكندرية وقدم على هذا المشروع وقُبل فيها رغم سنه، وعمل على تطوير الباعة الجائلين على طول طريق كورنيش الإسكندرية، ووضع كل ما يملكه فى العربة، مندهشًا من مطالبة مسؤولى الحى منه ترك العربة بدلًا من دعمهم فى إظهار الإسكندرية بالشكل الحضارى الذى يليق بها.

وانتقد "العبد"، الشركة المُصنعة للمشروع ومدى استغلالها للشباب الذين يعملون على العربات، وقيامها بأخذ مبلغ أكثر من ثمن العربة الأصلي ومطالبة الشباب بتحصيلهم في 3 أشهر فقط وهي فترة موسم الصيف، حتى يضطر بالعمل فى موسم الشتاء، قائلًا: "اليوم اللي مالقيش فيه رزقة مبعرفش أكل عيالي"، مؤكدًا أنه حصل على ليسانس آداب وعمل بالسياحة سنوات عديدة من قبل ولديه ما يملك من أفكار لتطوير العربة التي تعمل بالطاقة الشمسية وعمل دخل جيد للشباب والمحافظة.


وأشار إلى أن أكثر من شخصين يستطيعوا أن يعملوا على العربة بعد تطويرها، مطالبًا بعدول رئيس الحى عن قراره والاستماع إلى الشباب لمقترحاتهم في تطوير المشروع والوقوف في صفهم لا عليهم، وتجديد الترخيص مرة أخرى بسعر أقل من 6 آلاف جنيه، نظرًا لعدم قدرتهم على دفع هذا المبلغ.

وحاولت "الفجر" الوصول إلى اللواء خالد محيي الدين، رئيس حي شرق الإسكندرية، لأخذ حق الرد منه، لكن دون جدوى.