د. رشا سمير تكتب: نور.. أنثى أربكها المجتمع

مقالات الرأي



■ الكاتب اتهم المجتمعات العربية بالتواطؤ ضد النساء.. وكونه رجلا لم يثنه عن الشعور بمآسى السيدات

■ الرواية اختتمت ثلاثية يوسف زيدان بعد «مُحال» و«جوانتانامو»


أن تقرأ لقلم لا تعرف لونه أو هويته، فأنت فى خضم مغامرة لا تعرف حدودها وغابة من الأفكار تسير فى دروبها ولا تتوقع أى ثمرة تلك التى ستسقط  على رأسك من بين وريقات الرواية..

وأن تقرأ لقلم تعرف ملامحه وتكشف خباياه فأنت أمام قراءة لا تختلف كثيرا عن قراءة كتاب المطالعة.. فطالما بقيت شخصية الكاتب هى اللغز الغامض الذى يدفع القارئ دائما وأبدا إلى التفتيش عنها وسط السطور.

نقرأ دائما وأصابع الاتهام مصوبة إلى الكاتب والأسلحة مُشهرة من أول سطر فى وجه آرائه.

فالروائية لو كتبت عن الخيانة فهى تكتب عن زوجها..ولو كتبت عن الحرمان فهى تحكى قصة طفولتها..ولو تطرقت إلى وصف العشق فهى متحررة.

والكاتب لو كتب بصوت الأنثى فهو طفل محروم من حنان الأم..ولو تكلم عن الأديان فهو علمانى لأنه تجرأ واستعمل عقله.. ولو كتب عن الثورة فهو مُعارض للحاكم..


هكذا بات الروائيون يتخفون خلف قصصهم ويراوغون الجمهور من أجل عدم ظهور بصمتهم الحقيقية على ما يكتبون.. فالمُلحد يكتب عن عظمة الأديان.. والفاجر يكتب عن الفضيلة..وزير النساء يكتب عن الإخلاص.. والثورجى يكتب عن ديمقراطية الحُكام!.

هكذا قرأت رواية (النبطى) وأنا على علاقة عابرة بالروائى د.يوسف زيدان فكانت رواية مشوقة جدا.. استوقفتنى ومزجتنى وأخذتنى ثم أعادتنى إلى نفس السؤال الذى طالما سألته لنفسي: تُرى من هو يوسف زيدان؟.

قرأت (عزازيل) بعين مجردة..هل أرهقتنى؟ من المؤكد..فهى رواية رمزية فلسفية كما عودنا د.يوسف..والغريب أنها على صعوبة لغتها فقد حققت معادلة الأكثر مبيعا..والأغرب أنها أصبحت أيقونة الشباب وروايتهم المُفضلة.


1-  فى حضرة زيدان

جلست فى حضرة الكاتب المختلف د.يوسف زيدان، حيث كل شىء فى منزله يوحى بالاختلاف، اللوحات التى تزين الحيطان، التماثيل التى يهتم بنفسه بترميمها ودهانها، الكتب المرصوصة بعناية فوق الجدران.. كل شىء له طابع هادئ حتى كلماته..أردت أن أغوص فى أعماق شخصيته على ألمح شخصية (مارية) أو (نور) أو(أمل)!.

قال ردا على استفساراتى الكثيرة لمعرفة خبايا قلمه:

«تعيش الرواية فى خيالى قبل أن أنقلها إلى الورق، ثم فجأة تأتينى الإشارة لأكتب وهى إشارة قد تأتينى من السماء أو تنبع من داخلى وألمحها فى السماء».

واستطرد: «فى النبطى ذهبت إلى سيناء لأعيش حياة القوافل وألمح خط سيرها وأغمض عينى لأتخيلنى راع ضمن القافلة أو واحد من رُكابها..وصلت إلى خليج العقبة والمدينة الوردية البتراء لأتعقب خيالات التاريخ وأتتنى الإشارة وأنا أراقب سلاسل الجبال هائما على وجهى، فوجئت بتلك الكلمات تخرج من فمى وكأن روحا قد سكنتنى وأجبرتنى على التفوه بها، فامتدت يدى إلى ورقة لأدون بها جُملة وصفت بها مارية الجبال وكأنها امرأة حُبلى تنام على ظهرها.. فكانت تلك هى إشارة مارية من داخلى تأمرنى بأن أبدأ رحلة الكتابة».

سألته: «فهمت أن نور هى الجزء الختامى لثلاثية: (محال- جوانتانامو- نور) ما هو المحال كما يتصوره وكتب عنه يوسف زيدان؟

رد بهدوء المتصوف: «المحال هى الدنيا وثلاثة معانى: المُحال بضم الميم: هو ما يصعب تحقيقه، وهكذا أمانينا وأحلامنا فى الدنيا دائما.. المحال بفتح الميم: هى الأماكن التى تشكل الدنيا والتى نتنقل منها وإليها حتى نموت.. المِحال: بكسر الميم هى الأشياء الشديدة الصعوبة القاسية كما جاءت فى القرآن».

عدت أقول له: أبهرتنى النبطى وعشت تفاصيلها بوجدانى، وشعرت بمرارة مذاق جدران السجن فى جوانتانامو، كيف عشت أنت جوانتانامو كرواية؟

رد: «عشتها كمعتقل، كنت اجلس فى الشمس مدة طويلة واترك لحيتى بلا تهذيب وتركت ثلاجة بيتى خاوية على عروشها حتى أتذوق مرارة الاحتياج وقسوة المنع..وكانت رسالتى إلى كل من ذاق مرارة الأربعة حيطان، أن الروح قد تحلق عاليا حتى لو حبسنا الجسد، وإلا ما كان باستطاعة كل من يخرج من المعتقل أن يعود إلى حياته الطبيعية مرة أخرى وسيبقى للأبد سجين الماضى».

هكذا خرجت من حضرة زيدان فورا إلى قلب روايته (نور).. واستطعت أن ألمحه بين سطورها متربعا على عرش الكلمات مبتسما..وبدأت رحلتى فى رواية (نور) الصادرة عن دار الشروق للنشر فى 262 صفحة.


2- أن تكون أنثى

بعد (النبطى) يكتب زيدان مجددا مرتديا رداء الأنثى..متحدثا بلسانها..معبرا عن مآسيها وهزائمها وطموحاته، الراوى فى هذه الرواية هى (نورا) الطرف الثالث فى ثلاثية مُحال التى حكت قصة حب بين فتى وفتاة..وانتقل البطل إلى سجون القهر فى رواية (جوانتانامو) وتبقى الأنثى فى انتظار النهاية لتكتبها نورا فى رواية (نور).

وحيث إن لسان حال الراوى هى نورا..فقد ظللت أنا كقارئ طوال الرواية أنتظر أن يظهر دور محورى لنور ابنة نورا التى هى من المفروض عنوان الرواية..ويبقى شغفى سراب..فنور عنوان الرواية ليست سوى رمز يبقى بين الصفحات حتى النهاية دون دور محورى.

نورا فتاة أحبت شابا وقررت أن تتحدى كل التقاليد وتنتصر لقصة حبها بأن تمنح الرجل الذى أحبته طفلة تُخلد قصة حبهما حتى لو لم تنته القصة بالزواج.. وحين ينخرط حبيبها فى ظل الجماعات الإرهابية وينتهى به الأمر فى باكستان ومنها إلى سجون جوانتانامو..تنتهى قصة الحُب.

وتبقى (نور) هى وثيقة هذا الزواج الذى لم يتم على يد مأذون.. يعبر زيدان عن مفهومه الشخصى لقهر المجتمع الذكورى للإناث بكلمات تؤكد انتصاره لتاء التأنيث:

(تجتهد كل بنت لشق طريقها منفردة، من دون نموذج أعلى تقتدى به وتسعى إليه، فإذا تفتحت نوافذ مفاتنها وفارت نار أنوثتها، وأحبت أن تفرح بنفسها وتظهر بعضها ببعض العرى، غطاها المجتمع وهمس لها بأن التعرى سيكون مسموحا به لاحقا أمام رجل مجهول سوف يتزوجك يوما، ويدفع فيك مقدار المال المسمى (مهرا) فيكون جسمك ملكا له فلا تتعجلى وتجعلى الرجل المجهول الذى سوف يمتلكك يوما ما زاهدا فى امتلاكك، يعنى باختصار، كل ما فيك يا بنت ليس ملكك لأنه ملك لذكر سوف يظهر فى المستقبل)

ويبدو لى أن اختياره لاسم نور ليس سوى تأكيد لأن الأنثى هى الأنثى باختلاف الأجيال..تبرر نورا الاختيار نور ابنة حب..يوم مولدها أسميتها فى الأوراق الرسمية (نورا) لظنى أن اشتراكنا فى الاسم سوف يعطيها حياتين ويعوضها عما فقدته أنا فى زحام الأيام..فلما بلغت معى السعى تزحفا، صار النداء علينا باسم واحد مربكا، فناديتها (نور).


3- فلسفات زيدانية

ولأن الفلسفة الوجودية..والتصوف هو المزيج المعتاد عليه فى روايات د. يوسف زيدان.. وعمله بالتراث العربى والمخطوطات مما أعطاه حرفية الباحث وهيام المتصوف.. فألهمه الكثير من الجمل الفلسفية، والتى دائما ما تجىء على لسان أبطال رواياته.. وعلى الرغم من أننى كقارئ أرى أن طبيعة بعض الشخصيات لا تسمح لهم بتلك الفلسفة.. فمثلا أشعر أنه من الصعب تقبل كون نورا التى نشأت فى منطقة شعبية بالإسكندرية تكون مثقفة إلى درجة تجعلها تقول فى حوار عادى:

«قلت لها إن حالتها هذه وصفها (إميل دور كايم) فى دراسته عن الانتحار وأسماها (اللا معيارية) أو حالة فقدان المعايير، كما أنها فى مشهد آخر تستعين بكتاب (من كافر إلى كفار) الذى يجتهد فى تفسير آراء الفيلسوف القديم أجريبا وهى تتحدث إلى صديق!.

ولخص زيدان الحياة فى كثير من المواقف بجمل معبرة تجعلك تقرأها ألف مرة لتتذوق حلاوة الكلمات فى كل مرة:

معظم حياتنا مصادفات.. كان يمكن أن تكون ويمكن ألا تقع فلا أثر لرفيف أجنحة الفراشة على هبوب الأعاصير ولكن أليس فى الكون الكبير تدبير! ربما..فلا غاية لما يجرى حولنا ويحيط بنا إلا بالقدر الذى نتوهمه أو بقدر قليل جدا ونادر، مثلا مجىء نور فى واقع الأمر كانت صدفة..

الأرض كان وجودها أصلا صدفة وكذلك بقية الكواكب والنجوم التى تولد وتموت فى أقاصى الكون الفسيح من دون أن نعرف عنها شيئا، هذه كلها (استروبيا) تحدث بلا تدبير لكننا منذ خمسة آلاف سنة نتحايل فنبرر حدوثها بأنه إرادة آمون ونهمس آمين كى نطمئن ويعصمنا التحايل من الحيرة ومن الشعور بالعدمية إلى حين، حتى يبتلعنا العدم بلا قاعدة معلومة ويطوينا الموت بخبط عشواء لا انتظام لها، قبل الكبير يموت الصغير أحيانا وأحيانا يعمر المريض ويختطف الصحيح، وقد تلتهب الحرب لأوهى سبب فيحصد المنجل المهووس من أرواح الناس بالجملة ثم تخمد فتمتد أعمار الناجين منها أو تقصر).


4-  مشاعر أنثى أربكها المجتمع

استعرض زيدان ببراعة مشاكل الإناث فى المجتمعات العربية خصوصا المجتمع المصرى، الذى أشار إليه بأصابع الاتهام ليتهمه بالتواطؤ ضد النساء..

حاول أن يكتب بقلم المرأة..بحروفها.. ويلتحف بمشكلاتها حتى يجعل القارئ ينسى أن الكاتب رجلا..

فى اعتقادى أنه نجح إلى حد كبير فى هذه الخطة، غير أن خشونة الرجل ظهرت فى بعض الأحيان فى وصف مشاعر الأنثى.. لأن الإناث تنهزم ببساطة وتنتصر أيضا ببساطة، غير أنه باستخدام لغة أكبر من الموقف، جعلت كشف شخصيته من بين الحروف مهمة يسيرة على القارئ.

يتحدث زيدان وهنا تظهر معتقداته بكل وضوح وكأنه يجلس خلف ماكينة الآلة الكاتبة التى سطرت الرواية، فمعتقداته الدينية والإنسانية نقلها على لسان نورا لتتجلى فى مقاطع مثل:

«كان رضوخى للحجاب هو أول هزائمى..وهزيمتى الثانية وقعت حين انسحقت فقررت الحمل سرا ممن أحبه ومن دون أن أخبره بما نويته، أنا لم أخدعه ولكننى لم أصارحه بالأمر حتى لا أزيد معاناته..

وبعد توقيع وثيقة زواجى أعلنت استسلامى التام لكل شىء دون مقاومة ومن يومها توالت هزائمى وكثرت حتى توقفت عن عدها وكان مجىء نور بداية استعادتى لذاتى وبوابة خروجى من ظلمات الهزائم المتتالية».


5- مشاهد أنثوية

مازلت لا أجد مبررا قويا يجعل وصف مشهد قد يكون من أعقد مشاهد أى رواية، هو مشهد اغتصاب (أمل) الذى يأتى فى كلمات فلسفية صعبة الهضم، كلمات قد تشير إلى تمكن الروائى القوى من ثوابت اللغة العربية ولكنها فشلت فى أن تحكى صورة قد تحمل الألم الحقيقى فى بساطة التعبير.

تروى نورا لحظات اغتصاب أمل بالكلمات التالية:

«همدت تحته وانفرجت، فاخترمها ودك حجر أساسها حتى فتته، فصارت مثل كتلة من الطين اللازب أو العجين فاهتاج وصار مرعبا، وما عاد شىء يمنعها عنه أو يعوقه فانغرس فيها واندفق ماؤه فاختلط بدم عذريتها».

وكذلك يأتى وصف نورا لحالتها النفسية والفسيولوجية وقت الدورة الشهرية بكلمات مختلفة ولكنها تحمل خشونة القلم الذكورى الذى سمع عن الحدث ولم يعايشه:

«حتى العفريت الذى يتملك النساء كل شهر أياما معدودات ويعربد بالبواطن فيسيل منهن الدم، توحش..صارت آلامه الشهرية أشد وأنكى.. كنت قبل سنوات أحتمله راضية حتى تنقضى أيامه وأتطهر منه أما الآن فقد صار نخره لعظامى أعظم وجعا وتعذيبه لروحى أعمق إيلاما..يضايقنى قولهم إننى أكون خلال دورتى القمرية «نجسة» وعلّى الانتظار مثل كل النساء انقضاء تلك الأيام حتى أتطهر، هل أتطهر منى؟».

تتعثر نورا فى الحياة ولكنها تنهض كلما سنحت لها الفُرصة، فهى تنجب بإرادتها من شخص أحبته وتنتقل بإرادتها أيضا إلى أحضان رجل لم تحبه «مفتاح المبروك» الذى تشعر بالقهر بين أحضانه ولكنه يشكل لها الأب الشرعى فى حياة ابنتها نور..

وبذكاء الأنثى تتخلص منه فى اللحظة المناسبة فتبقى نور هى قطعة من رجل أحبته فأعطته من نفسها عن قناعة، وتحمل اسم رجل فرض عليها المجتمع أن يُكتب فى خانة الأب فى شهادة الميلاد، وهى بذلك تنتصر لنفسها وللمجتمع فى آن واحد.

وتظل (أمل) فى الصورة..الصديقة والجارة لنورا التى تجرفها طموحاتها إلى السقوط..فتُحمل المجتمع قدر اغتصابها وأمها الغلطة التى أدت إلى اغتصابها، ويظل المجتمع الذى فرض لومه عليها إلى (شماعة) تعلق عليها كل أوزارها من السكن فى منزل متواضع وحتى تُصبح قوادة تبيع نفسها أولا ثم بنات جنسها إلى تجار الهوى!.

ويلخص زيدان مأساة أمل بكل براعة فى جملة واحدة:

«مسكينة أمل..لم تستطع مسامحة أمها على تساهلها السابق مع المغتصب القديم.. فالتسامح يحتاج قوة تفوق أثر الألم وهى ضعيفة كمعظم النساء ومحبطة، فقد كانت تظن فى زمن المراهقة أنها إذا كبرت فسوف تنسى ما لحق بها من انتهاك فى زمن الابتداء..لكنها كبرت ولم تنس.. هى طموح، شحيحة الحظ، وتعيسة الحال، كالغالبية من نساء بلادنا المنكوبة بنا وبأفكارنا».


6- القوة الناعمة

تنتقل (نورا) من المنطقة الشعبية إلى الكورنيش حيث النقلة المجتمعية، تبحث نورا عن ذاتها بعد قصة حب فاشلة وزواج أكثر فشلا..تجرى وراء رسالة الدكتوراه لتثبت لنفسها أن الأنثى تمتلك الإرادة قبل الجسد الممشوق.

تحتك ببشر طامعون ولاهثون وحاقدون..وفى النهاية تصل إلى حقيقة أكيدة، فهى أنثى لها كيان حُر وإرادة تستطيع بها أن تقفز فوق كل المعوقات المجتمعية:

«مهما جرى فسأبقى دوما كما أريد، لن أتوارى ولن يخجلنى كونى امرأة ولن أطمر على الهلاهيل، لست عورة كما يزعم بعض الجهلة المشوهين، الذين وجدوا لأنفسهم أتباعا من الجهلة والمشوهين، أنوثتى أغلى من أن تبتذل وأعلى من أن تحتقر وأقوى من أن يستهان بها، سأحضن آلامى السابقة وذكرياتى وأتجاوزها كلها وأطير بأجنحة الحرية نحو غدى.. أنا حرة». 

فى نهاية الرواية بعدما تصل نورا إلى النجاح وتجد الفرصة لتنتقل من مجتمع فقير إلى آخر أكثر نعومة..فتلحق ابنتها بمدرسة محترمة، وتعيش مع جارتها التى اعتبرتها بمثابة أمها تحت سقف واحد فتستعيض عن فقدان أمها وزواج أبيها، بحُضن ترتاح فيه..وتقرر أن تمنح ابنتها قوة الوجود..أن تمنحها بفخر شهادة الأنثى التى يمنعها المجتمع عن الإناث:

«لن أربى ابنتى مثلما تفعل الأمهات الضحايا اللواتى يقدمن بناتهن ضحايا، سأربى ابنتى بعيدا عن هذا الهوس وعن وباء التخلف والخداع وعن الخجل من كونها أنثى، ابنتى إنسان لا ينقصه عقل ولا دين حسبما تزعمون وسوف تكبر على الفخر بأنها أنثى..جميلة.. تعرف الحب لا الحرب، تسعى للعمار لا الدمار، نور لن تكون حجرا فى جداركم أبدا بل ستكون دوما حرة ومعتزة بأنها أنثى».


7- المؤامرة الإخوانية الأمريكية

اعترف بشجاعة د.يوسف وأشعر بالرثاء لما سيلاقيه من هجوم من المجموعة التى مازالت تصم أذنيها عن فكرة المؤامرة وتتهم كل من يؤكد تلك الفكرة بأنه إما عميل أو فلول!.

الحقيقة أن ضلوع الإخوان فى ثورة يناير لا يختلف كثيرا عن ضلوع أخوات يوسف فى التخلص من أخيهم من أجل مصالحهم الشخصية.

والعمل طويلا من أجل خلق جبهات إسلامية متطرفة، يعملون تحت عباءة الدين الإسلامى لمصلحة أمريكا وحلفائها ليست معلومة سرية.

فخطة حسن البنا منذ أنشأ الجماعة وحتى ثورة يناير، لم تخرج عن المراحل الأربع التى رسمها المرشد العام وكل من تبعه لرئاسة تلك الجماعة (الدعوة/ المشاركة/ المغالبة/ التمكين)..

بدأت الدعوة يوم بدأ البنا بإرساء قواعد جماعة تساهم فى الخدمات المدنية ثم الإنسانية ثم السياسية، وتأتى مرحلة التمكين يوم تمكن الجماعة من كرسى الرئاسة وبالتالى تمكنهم من مفاصل الدولة..

احترم د.يوسف لشجاعته فى ذكر تلك التفاصيل على لسان حبيب نورا الذى يعود بعد جوانتانامو وبعد التدريبات فى باكستان ليأخذ ابنته فى صفه وليخضعها لجماعة قررت أن إناث أبناء أعضائها بالتبعية ملكية خاصة، فهكذا يرون الإناث!.


8- يقول حبيب نورا

(بصراحة إن الأمريكان منحازون إلى فكرة الخلافة الإسلامية، هناك رعاية أمريكية ودعم للمشروع الإسلامى لأنه متوافق مع مصالحهم، ولأننا البديل الوحيد بعد زوال الأنظمة الظالمة، الحكومات الحالية سوف تسقط من تلقاء نفسها لانتشار الفساد فيها ولا يوجد بديل متاح إلا المشروع الإسلامى، فهم يكتسبون كل يوم شعبية ويتوسعون بهدوء فى كل المجالات وسيكونون أغلبية فى مجلس الشعب قريبا ويتولون الوزارات ثم يخوضون الانتخابات الرئاسية ويفوزون).

استطاع يوسف زيدان أن ينهى ثلاثيته بقصة امرأة عادية وحكاية قد تحدث كل يوم لآلاف النساء، قصة عبرت عن نبض امرأة مازالت تحمل كل آلام ومعاناة الإناث فى مجتمع ذكورى.

إنها رواية تستحق القراءة، حتى لو اختلفت معها فمازالت الرسائل التى تتوارى بين الصفحات هى القوة الناعمة لمجتمع يستمد قوته من تاء التأنيث.