في ذكرى ميلاده.."هيكل" الحائر بين الرؤساء .. صداقة "ناصر" وعداء "السادات" وحب "السيسي"‏

تقارير وحوارات

الكاتب محمد حسنين
الكاتب محمد حسنين هيكل -أرشيفية


عاصر ملكاً و6 رؤساء، الأستاذ ابن قرية باسوس محافظة القليبوبية، الصحفي الذي صاغ وسجل بقلمه تاريخ السياسة في مصر، ‏بدايةً من الملك فاروق وصولاً للرئيس عبد الفتاح السيسي.‏

ففي ذكرى ميلاد الأستاذ محمد حسنين هيكل، ترصد «الفجر» علاقة الكاتب الصحفي برؤساء مصر والتي كانت بين المدح والحفاء ‏والصداقة والصدّ والدعم.‏

مدح هيكل لـ«الملك فاروق»‏

العلاقة بين هيكل والملك الراحل فاروق أخر الملوك المصريين كانت علاقة وطيدة، وظهر ذلك جلياً في كتابات هيكل عن فاروق ‏التي كان يمدحه فيها ويعدد من إنجازاته، ففي يوم ميلاد الملك فاروق كتب هيكل مقال نشر في فبراير 1944 مقال بعنوان «يوم ‏ميلادك يا مولاي».‏

في هذا المقال عظّم ومجّد هيكل الملك قائلاً: «في عيد ميلادك يا مولاي تركت قصرك وعاصمة ملكك وذهبت الى الصعيد لتزور ‏جزءاً من شعبك حلت به نكبة المرض وقلت أن أحسن احتفال بالعيد أن ترى هؤلاء البؤساء ويروك.. هذه مصر كلها تحتفل بعيد ‏ملكك مصر من أقصاها افراداً وأحزاباً وجماعات وهيئات ولم تجد مصر ما تحيي به هذا العيد سوى الهتاف باسمك والدعاء لك».‏

جفاء هيكل لـ«نجيب»‏

كانت العلاقة بين هيكل والرئيس الراحل محمد نجيب أول رئيس بعد ثورة يوليو، علاقة متوترة بها الكثير من الجفاء، وقد بدأ ذلك ‏الجفاء بمقال كتبه هيكل عن نجيب يصفه بأنه «شبح من الماضي»، نشر في الأهرام بعد سنة من قيام الثورة.‏

وسخر هيكل في مقاله من كتاب اللواء محمد نجيب «كلمتى للتاريخ»، كما أنه اتهمه فى كتابه الشهير «عبد الناصر والعالم» بالعمالة ‏لصالح النظام الأمريكى، مستشهدًا بواقعة تلقيه مبلغًا قدره 3 ملايين دولار أمريكى لبناء برج اتصال لاسلكى، وهذا الاتهام دفع اللواء ‏إلى مقاضاة هيكل، ثم سرعان ما تنازل عن القضية فى وقت لاحق، ولكن القضية والتنازل لم يغيرا حقيقة موقف هيكل من اللواء محمد ‏نجيب، ورؤيته له بأنه شبح من الماضي.‏

صداقة هيكل لـ«عبد الناصر»‏

كانت العلاقة بين هيكل والراحل جمال عبد الناصر علاقة صداقة قوية جداً، حيث أنه طوال فترة حكم عبد الناصر كان هيكل مفسراً ‏لقرارات عبد الناصر، ومحرراً للكثير من خطاباته، ومشيداً بإنجازاته، وناقلاً رسائل الرئيس من الداخل للخارج.‏

وقد نقلت الصداقة بين هيكل وعبد الناصر الأول من خانة الصحفي الذي يبحث عن المعلومات، إلى خانة المشارك في صنع القرار، ‏والمحرك للعديد من الأحداث، وأحد صناع تاريخ مصر بعد ثورة يوليو.‏

وفي حوار تليفزيوني مع الكاتب الراحل أنيس منصور،  وصف علاقة هيكل وعبد الناصر، حيث قال: «هيكل كان مفكّرعبدالناصر، ‏وصاغ الفكر السياسي للزعيم في هذه الفترة، ولم يحصل أي شخص على هذا الدور، وأكاد أقول إن عبدالناصر من اختراع هيكل».‏

عداء هيكل لـ«السادات»‏

بدأت علاقة الراحلين هيكل والسادات بالتحالف وانتهى بالقطيعة، حيث أنه قبل وقت حرب أكتور كان هيكل يمتدح السادات في ‏مقالاته، ففي إحداهما قال عنه : «كان السادات هائلًا في هذه الساعة الحاسمة من التاريخ بأكثر مما يستطيع أن يتصور أحد.. كانت ‏قراراته مزيجًا مدهشًا من الهدوء والحسم.. هذه المرحلة هي التي ستجعل من أنور السادات - بإذن الله- قائدًا تاريخيًا لشعبه وأمته، لأن ‏القيادة التاريخية مرتبة أعلى بكثير من الرئاسة مهما كان وصفها».‏

ظلت علاقة هيكل بالسادات جيدة حتى بعد حرب أكتوبر، حيث بدأ هيكل بالعداء بسبب رفضه طريقة تعامل الرئيس السادات مع ‏انتصار حرب أكتوبر سياسيًا، وكان يرى أن السادات يعطي للولايات المتحدة دورًا أكبر مما ينبغي بعد انتصار تحقق بسلاح جاء من ‏الكتلة الشرقية وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي.‏

وبسبب تدخلات هيكل في قرارت السادات السياسية قام الأخير بإقالته من مؤسسة الأهرام التى ظل على رأسها طيلة سبع عشرة سنة، ‏منذ العام 1957 وحتى 1974، وقد علق هيكل على القرار قائلاً: «إنني استعملت حقي في التعبير عن رأيي، ثم أن الرئيس السادات ‏استعمل سلطته، وسلطة الرئيس قد  تخول له أن يقول لي أترك الأهرام، لكن هذه السلطة لا تخول له أن يحدد أين أذهب بعد ذلك، ‏القرار الأول يملكه وحده، والقرار الثاني أملكه وحدي».‏
ورد السادات عليه في أحد لقاءاته التليفزيونية، قائلاً: « هيكل لم عد صحفيًا بل سياسيًا، وعليه أن يترك الصحافة إلى السياسة، و ليس ‏من حقه كصحفي أن يناقش القرار السياسي، فتلك مسئولية الرئاسة».‏

واستكمل السادات عداوته مع هيكل بوضعه  في السجن ضمن اعتقالات طالت كثيرين من المعارضين في سبتمبر 1981، وبعد ‏رحيل السادات حاكمه هيكل في كتابه «خريف الغضب» وحمّله مسئولية استمرار الصراع العربي الاسرائيلي حتى الآن.‏

صدّ هيكل لـ «مبارك»‏

بدأت العلاقة بين هيكل ومبارك بالثقة المتبادلة والاحترام المتبادل، الذي بدأه مبارك بقرار الإفراج عن هيكل من المعتقل الذي زجّه ‏فيه السادات، كما أن مبارك استقبله في القصر الرئاسي بعد خروجه من المعتقل في حديث متبادل استمر لـ6 ساعات، اتخذ خلالها ‏هيكل رخصة مفتوحة للاتصال بمبارك فى أى وقت يشاء، لكن هيكل لم يستخدمها ولا مرة، على حد قوله، وعندما سافر ألمانيا ‏للعلاج، اتصل به مبارك وعرض عليه العلاج على نفقة الدولة، لكن هيكل رفض.‏

وكان هيكل في البداية معجب بسياسة مبارك، إلا انه فضّل أن يكون بعيدًا عن السياسة، وأن يتفرغ لكتاباته فقط، بالرغم من سعي ‏مبارك لمد  جسور التواصل مع هيكل.‏

وبدأ تحوّل إعجاب هيكل بمبارك منذ عام 2002، في محاضرة ألقاها  فى الجامعة الأمريكية، عام 2002، حيث قال إن «السلطة ‏شاخت فى مواقعها، وهناك مخطط واضح لتوريث الحكم، ومهما كانت الصورة حلوة، فلابد أن نقول كفاية".. فى إشارة إلى ضرورة ‏رحيل مبارك عن الحكم»، كما أن هيكل من مؤيدي ثورة 25 يناير 2011 التي أنهت حكم مبارك وحققت حلم هيكل لرحيله.‏

حيرة هيكل في أمر «مرسي»‏

أما عن علاقة هيكل بالرئيس الأسبق محمد مرسي فكانت محيرة، حيث وصف هيكل مرسي بالطيب، ولكنه ساند السيسي في عزل ‏الإخوان من الحكم.‏

فعقب فوز الدكتور محمد مرسي، بمنصب رئاسة الجمهورية، قال هيكل فى حواره مع صحيفة "صنداي تايمز البريطانية": إن مرسي ‏رجل طيب جدا على المستوى الشخصي، لكننى لست متيقنًا من مدى معرفته بالعالم العربي، والسياسة المصرية".‏

وكشف هيكل لبعض المقربين أنه قبيل الانتخابات الرئاسية، قام محمد مرسي بزيارته في مزرعته ببرقاش مع الدكتور سعد الكتاتني ‏القيادي الإخواني ورئيس مجلس الشعب المنحل، واستمر اللقاء الذي عقد قبل الانتخابات الرئاسية لنحو ثلاث ساعات.‏

ورغم لقاء هيكل مع مرسي قبل الانتخابات، فالمؤكد أن العلاقة بينهما لن تبلغ ما بلغته صداقة هيكل مع عبدالناصر أو عداوته مع ‏السادات.‏

تقدير هيكل لـ«عدلي منصور»‏

كان هيكل يقدّر الرئيس المؤقت عدلي منصور، الذي وجّه دعوة لهيكل للقائه فى قصر الرئاسة، وهو اللقاء الذى استجاب له هيكل من ‏موقع الصحفى والكاتب والمفكر وصاحب الرأى، معلنًا تخلّيه عن صفة صانع القرار أو المشارك فى صناعته، إذ نفى فى بداية حواره ‏مع المستشار أيّة علاقة له بالصراع السياسى الدائر أو شراكة له فى المعادلة السياسية متداخلة الأطراف.‏

دعم هيكل لـ«السيسي»‏

كانت العلاقة بين هيكل والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي وطيدة جداً، حيث انها بدأت بدعم هيكل للسيسي في عزل الإخوان من ‏الحكم، كما أنه دافع عن السيسي لكل من اتهمه بأن ثورة 30 يونيو إنقلاب.‏

وقد عبر هيكل في أكثر من مناسبة عن إعجابه الكبير بالسيسي، كما أن هيكل كان يصف السيسي بالكثير من الصفات الجيدة، كما أنه ‏كان يلتمس له الأعذار، ويقول إنه يواجه ظروفًا صعبة وعصيبة، وإنه يتميز بالإخلاص والتفانى فى مواجهة التحديات، وإن له ‏محبة كبيرة في قلوب الشعب.‏