"السوق السوداء" تسيطر على المحاليل الطبية.. والكارتونة تصل إلى 500 جنيه.. (تحقيق)

تقارير وحوارات

اختفاء المحاليل الطبية
اختفاء المحاليل الطبية



وسط الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد شهدت المنظومة الصحية في مصر الكثير من الأزمات التي وصلت لنقص واختفاء بعض الأدوية من المستشفيات والصيدليات ومن بين تلك النواقص الطبية المختلفة «المحاليل الطبية».

فبالرغم من المعاناة التي تعانيها الدولة من نقص شديد في المحاليل الطبية، التي اختفت من المستشفيات والصيدليات، إلا أنها متواجدة بالسوق السوداء بأسعار أشبه بالخيالية، فمن أين حصل مافيا الأدوية على المحاليل الطبية.


- شركات بيع المستلزمات الطبية ومصانع بير السلم أوكار لبيع المحاليل الطبية

حاولت «الفجر» التوغل داخل أوكار بيع المحاليل الطبية في السوق السوداء، ففي البداية توجهت محررة الفجر إلى شارع قصر العيني، وقامت بالسؤال عن محلات بيع المحاليل الطبية، في البداية تهرب البعض بحجة عدم وجود محلات للبيع، ولكن عند الإلحاح أُشار البعض إلى شركات المستلزمات الطبية بأنها هي التي تبيعها، وكان أشهر الشركات التي تتاجر في المحاليل هناك هي شركة «tob medical توب ميديكال».


وعند التوجه لمقر الشركة بشارع المواردي في شارع "قصر العيني"، التقت المحررة مسئول المبيعات «ف. ر» الذي أكد لها عدم وجود محاليل بسبب النقص الشديد فيها، بالإضافة إلى ضغط رقابة وزارة الصحة على بيعها في المحلات وضغط المصانع، حيث أوضح أنها تقوم الآن ببيعها لشركات الأدوية فقط.

وأكد مسئول المبيعات بـ«توب ميديكال» أن سعر كارتونة محلول الملح قبل النقص الشديد الذي يعانوا منه الآن، كان200 جنيهًا، ومحلول الجنسر وصل إلى300 جنيه.

وبعد الخروج من «توب ميديكال» توجهت محررة الفجر إلى شركة مستلزمات طبية أخرى تدعى «الفريد ميديكال» بشارع بستان الفاضل أمام القصر الفرنساوي، وتعتبر تلك الشركة الوحيدة بالمنطقة التي تقوم ببيع محاليل، حيث أن باقي شركات بيع المستلزمات الطبية توقفت عن البيع تلك الفترة بسبب النقص الشديد في المحاليل.

وبشكل سري للغاية تحدث مسئول المبيعات للشركة عن بيعهم للمحاليل والتي لم تكن موجودة داخل الشركة بل كانت موجودة بأحد المنازل على بعد خطوات من الشركة، حيث أنه ذهب إليها للتأكد من أن الكمية هناك تكفي للبيع، وعند رجوعه اتفق مع محررة الفجر على الأسعار والتي كانت بالنسبة لمحلول الملح تبدأ من 95 جنيه ثم 150 ثم 195 للكارتونة التي تحوي على20 عبوة بداخلها، مؤكدًا أن الكمية المطلوبة ستكون جاهزة بعد يومين من الاتفاق.

وأثناء التجول في المنطقة أكد أحد الشباب الذي لم يكشف عن هويته أنه على استعداد أن يبيع كارتونتين من محاليل طبية «محلول ملح» بسعر 500 جنيه للكارتونة، قائلاً: «لو عاوزة تشتريها دلوقتي خمس دقائق وتكون عندك، انتي مش هتلاقيها في السوق مفيش محاليل وفيه أزمة فأضمنلك تاخديهم دي فرصة».

وبسؤاله عن المصدر الذي سيبيع لنا رفض البوح بأي معلومات قائلاً: «المحاليل عبوات مقفولة عاوزة تتأكدي منها خدي عبوة واحدة بـ25 جنيه وأسألي صيدلية ولو كويسة ارجعي خدي الكارتونة»، وبالفعل تم شرائها منه.

وبعد حصولنا على عبوة واحدة من محلول الملح توجهت محررة الفجر إلى إحدى الصيدليات بشارع قصر العيني، حيث أكد احد الصيادلة أن المحلول سليم، وبسؤاله عن توافر المحلول بالصيدلية أكد أنه يوجد نقص كبير في وجود المحاليل بالصيدليات منذ شهر، لافتًا إلى أن ذلك النقص تسبب في الكثير من الأزمات للعديد من المرضى، وأن الأزمة تتزايد ولا يوجد أي حل لها إلا إنشاء مصانع لإنتاج المحاليل الطبية.


- عجز وزارة الصحة سبب تفاقم أزمة المحاليل الطبية

وحول ذلك قال محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، إن أزمة المحاليل في مصر متعلقة بسوء تخطيط في إجمالي صناعة الدواء وعجز وزارة الصحة في التعامل مع هذه الصناعة مما أدى إلى كارثة بسبب نقص المحاليل على مستوى الجمهورية.

وأكد أن قطاع الأعمال الدوائي يقوم بمد السوق المصري بنحو 11 مليون عبوة سنويًا، من خلال شركتي النصر والنيل، ولكن هذه الكمية لا تكفي احتياجات السوق رغم أن الشركة القابضة تضم أكثر من 27 مصنعًا متنوعًا ما بين محاليل ومواد خامات وأشكال دوائية ومستلزمات الغسيل الكلوي.


- البرلمان يواجه أوكار بيع المحاليل الطبية بـ«لجنة تقصي حقائق»

ومن جانبه قال النائب مجدي المرشد، رئيس لجنة الصحة في البرلمان، أن اللجنة ستواجه أزمة المحاليل الطبية إما بفتح المصنع المعلق فتحه والمُسبب للأزمة، وإما تأسيس مصنع بديل، لأنه يوجد ركاكة في أداء التفتيش على المصانع وهو ما يسبب تفاقم للأزمة.

وأكد لـ«الفجر» أن اللجنة اتخذت وعد من مسئولة التفتيش في الصحة أن تختار بين الحلين خلال 15 يوم خلاف ذلك سيكون الحل الوحيد لتلك الأزمة الاستيراد من الخارج، مشيراً إلى أن البرلمان سيواجه مصانع بير السلم وأوكار بيع المحاليل الطبية للجنة تقصي الحقائق تتبع للمهربين والمخطئين لتوقف استغلالهم على المواطنين.


«الصحة» تستجيب لـ«الفجر»

وبالحديث مع مديحة أحمد، مدير عام التفتيش الصيدلي لوزارة الصحة، أكدت أنها ستقوم بحملة تفتيش بشارع قصر العيني لضبط الشركات والمحلات التي تقوم ببيع المحاليل، مشددة على أن ذلك مخالف ويتم على إثره غلق الشركة ومقاضاتها.


وأشارت في تصريح لـ"الفجر"،  إلى أن مفتشي الصيدلة يقومون بالتفتيش على المنشآت الصيدلية على مستوى الجمهورية، وعددهم 1500 مفتش بخلاف 150 آخرين متواجدين بالإدارة المركزية للشئون الصيدلية بالقاهرة، ومهمتهم تشمل كل المحافظات، ويتم إيفاد فريق منهم في حالة وجود شكاوى بالمحافظات في إطار الإشراف والرقابة على المنشآت الصيدلية بالأقاليم.

وقالت إن المفتش الصيدلي معه سلطة الضبطية القضائية بموجب المادة 85 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم 127 لسنة 1955، والتي تنص على أنهم مكلفون بالرقابة على الأسواق وتنفيذ وتطبيق أحكام قانون مزاولة المهنة، مؤكدة أن أعداد المفتشين كافية ولكن الأزمة تكمن في ضعف القوانين وعدم ردعها للمخالفين، مما يتسبب في تكرار المخالفات مرات أخرى، مطالبة بتغليظ العقوبات وتشديد القوانين عليها عند تكرار المخالفة.