تفسير قوله تعالى " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم.."

إسلاميات

تفسير القرآن الكريم
تفسير القرآن الكريم


( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ( 98 ) لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ( 99 ) لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون ( 100 ) إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ( 101 ) لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون ( 102 ) لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون ( 103 ) ) . 

يقول تعالى مخاطبا لأهل مكة من مشركي قريش ، ومن دان بدينهم من عبدة الأصنام والأوثان : ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ) ، قال ابن عباس : أي وقودها ، يعني كقوله : ( وقودها الناس والحجارة ) [ التحريم : 6 ] . 

وقال ابن عباس أيضا : ( حصب جهنم ) بمعنى : شجر جهنم . وفي رواية قال : ( حصب جهنم ) يعني : حطب جهنم ، بالزنجية . 

وقال مجاهد ، وعكرمة ، وقتادة : حطبها . وهي كذلك في قراءة علي وعائشة - رضي الله عنهما . 

وقال الضحاك : ( حصب جهنم ) أي : ما يرمى به فيها . 

وكذا قال غيره . والجميع قريب . 

وقوله : ( أنتم لها واردون ) أي : داخلون . 

( لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها ) يعني : لو كانت هذه الأصنام والأنداد التي اتخذتموها من دون الله آلهة صحيحة لما وردوا النار ، ولما دخلوها ، ( وكل فيها خالدون ) أي : العابدون ومعبوداتهم ، كلهم فيها خالدون ، ( لهم فيها زفير ) ، كما قال : ( لهم فيها زفير وشهيق ) [ هود : 106 ] ، والزفير : خروج أنفاسهم ، والشهيق : ولوج أنفاسهم ، ( وهم فيها لا يسمعون ) . 

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا علي بن محمد الطنافسي ، حدثنا ابن فضيل ، حدثنا عبد الرحمن - يعني : المسعودي - عن أبيه قال : قال ابن مسعود : إذا بقي من يخلد في النار ، جعلوا في توابيت من نار ، فيها مسامير من نار ، فلا يرى أحد منهم أنه يعذب في النار غيره ، ثم تلا [ ص: 378 ] عبد الله : ( لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون ) . 

ورواه ابن جرير ، من حديث حجاج بن محمد ، عن المسعودي ، عن يونس بن خباب ، عن ابن مسعود فذكره . 

وقوله : ( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى ) : قال عكرمة : الرحمة . وقال غيره : السعادة ، ( أولئك عنها مبعدون ) لما ذكر تعالى أهل النار وعذابهم بسبب شركهم بالله ، عطف بذكر السعداء من المؤمنين بالله ورسله ، وهم الذين سبقت لهم من الله السعادة ، وأسلفوا الأعمال الصالحة في الدنيا ، كما قال : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) [ يونس : 26 ] : وقال ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) [ الرحمن : 60 ] ، فكما أحسنوا العمل في الدنيا ، أحسن الله مآلهم وثوابهم ، فنجاهم من العذاب ، وحصل لهم جزيل الثواب ، فقال : ( أولئك عنها مبعدون . لا يسمعون حسيسها ) أي : حريقها في الأجساد .