عندما يجمع الحب دينين مختلفين.. ظاهرة وليدة الثورة تهدد باشتعال الفتن الطائفية في مصر

تقارير وحوارات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية



مسلمة: العلاقة انتهت بعد أن أدركت كم السعادة التي سأفتقدها
قبطي: تغيير الشخص ديانته من أجل الزواج "خداع"
أستاذ شريعة: يؤدي إلى تفتيت المجتمع.. والفن يشرعنه
أستاذ علم اجتماع: نتيجته الطبيعية علاقات غير شرعية 
أستاذ علم اجتماع: سيؤدي لتقطيع الأرحام وكوارث اجتماعية
رئيس إعلام السنودس الإنجيلي: دولتنا حديثة العهد بالتمدن

أصبح المجتمع المصري يعيش وسط ظواهر جديدة، وعادات وسوابق تظهر لأول مرة، وتكون بمثابة إعلان حرب على القيم والعادات، التي كانت بالأساس تعمل على تماسك المجتمع وتقويته، ويعتبر البعض أن أكثر ما يشعل الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحين هو الارتباط بين مختلفي الديانة أو أن يحدث زواج بينهما، وهو ما ظهر في السنوات الماضية وحدثت من بعده خلافات، وتكرر مثل هذا الزواج منتصف يوليو الماضي..
 
تم توثيق عقد زواج شرعي بين شاب قبطي يدعى فادى جرجس زكى بشارة، لدى مأذون بمصر القديمة، على فتاة مسلمة تدعى شيماء أشرف محمد محمد السيد، بالوثيقة رقم 6 دفتر رقم 796240 يوم الخميس، 14/7/2016 ، وقد تم عقد القران على الفتاة المسلمة والشاب المسيحي بعد تزوير العقود، وهو ما يخالف الأعراف وثقافة الشعب المصري بالإضافة إلى تعاليم الشريعة الإسلامية التي هي المرجع الرئيس في الدستور.
 
"الفجر" حاولت أن تبحث في هذا الأمر وطرحت ببعض الأسئلة وهي الدوافع والأسباب وراء ظهور هذه الحالات ولأول مرة بهذا الشكل؟ وما هي المشاكل التي ستسببها داخل المجتمع ؟
 
مسلمة: القدر جمعنا وفرقنا
 
"لم أتخلى عن ديني الإسلامي" بنبرة صوت حزينة قالت أمينة، "كنت سأفقد كل شيء مقابل الحب.. بكل تأكيد كان حبًا صادقًا لكن نفس القدر الذي جمعنا فقرنا".
 
الفتاة العشرينية، كانت ستواجه المجتمع والدوائر التي حولها، ولفتت إلى أن الشخص الذي ارتبطت به لو كان يدين بالمسيحية هو الآخر كان سيواجه مشكلة، قائلة : "في أغلب الوقت يكون التفكير محدود، ولا نفكر إلا بأنفسنا، فكرت قليلا في عائلتي ما الذي سيحل بهم! ربما تموت أمي، فهل سأكون سعيدة وراضية، بالطبع لا".
 
" في بعض اللحظات كنت أظن أن القدر من حدد لقائنا"، تقول أمينة إنها تعرفت عليه في المرحلة الجامعية وظلوا عامين، تخللها خلافات ومشاكل بسبب اختلاف الديانة وكيف سيكملا طريقهما.
 
"لم أفكر في تغيير ديني صممت على أن تبقى على دينا وهو أيضا، وكانا الوضع سيستمر هكذا"، بحسب تخطيطهما المبدئي، متابعة: "كنت أعلم أني إذا تزوجت منه فإني سأصبح عاصية ومخالفة لديني"، أما على الجانب الآخر فتقول: "هو أيضا كان بزواجه مني سيعصى دينه وكنيسته".
 
أما عن طريقة الزواج فتقول : "في أي بلد أجنبية كانت ستحل هذه الأزمة، وربما إذا سافرنا لبنان وتزوجنا على الطريقة المدنية.
 
تتابع: " لم نقع في الفاحشة، كما يظن المجتمع، كنا نتعامل بصدق وإخلاص، دائما كنت أدعوه بأوزوريس لأنه كان سيضحي بكثير من أجلي، وبالرغم من هذا كان لدى هاجس بأن العلاقة لن تكتمل".
 
"العلاقة انتهت بعد أن أدركت كم السعادة التي سأفتقدها، إحساسي بحضن أمي، والروحانيات في رمضان، الصلاة وحيدة في المنزل، الأصدقاء، بالإضافة إلى علمي بأن ربي لن يرضى عن هذا الفعل، فالأمر لم يكن سهلا، استغرقت شهورا حتى انهينا العلاقة" .
 
قبطي: لا يوجد مشكلة في زواج مختلفي الديانة
 
يقول "م. ص" ، أنا مسيحي وكنت مرتبط بفتاة مسيحية وتحولت إلى الديانة الإسلامية وتفاجأت بذلك، ولم يكن لدي أدنى إشكالية حيال ذلك، لكن العلاقة انتهت سريعا، هي كانت مقتنعة بموقفها، لكن المشكلة كانت في طبيعة إتمام العلاقة في مصر خاصة، لاعتراض زواج مسيحي من مسلمة، بالإضافة إلى مجتمع يرفض هذه العلاقة من الأساس.
 
ويضيف، لـ"الفجر": "أنا لن أتزوج إلا من نفس شريعتي، لكني في نفس الوقت لا أقتنع برفض المجتمع وجود علاقة بين مسلم ومسيحية أو العكس، ولا يجب أن يغير الشخص دينه وإيمانه كحل للزواج فذلك يعتبر "خداع".
 
 
تفتيت للمجتمع
 
وتعليقًا على ذلك أكد الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن المجتمع المصري أصبح يعيش وسط عادات جديدة لأول مرة تحدث، ومنها زواج المسيحي من مسلمة، منوهًا إلى أن هذا الأمر يعد مؤشرًا خطيرًا على انفلات المجتمع، ومحذرًا من تفشي هذه الأمور التي ستسبب  كوارث مجتمعية، حيث أنها ستؤدي أيضا إلى مجيء المزيد من الأطفال الذين لن يجدوا أحدا يرحب بهم وسيلفظهم المجتمع، كون الزواج ليس شرعيا بالأساس، وبالتالي سيؤدي إلى تفتيت المجتمع.
 
وأوضح في تصريحات خاصة، لـ "الفجر" أن السبب في ذلك هو الانفلات الأخلاقي، الذي يتولاه الإعلام خاصة، حيث أن هناك بعض المُسلسلات التي ظهرت في رمضان المنصرم ظهر بها هذا الفكر من خلال بعض المشاهد، ليتلقفه الشباب ويكون بمثابة الشرعنة التي تشرعن لهم هذا الفعل تماما، مطالبا المؤسسات الدينية المصرية أن تهب هبة قوية إزاء مثل هذه الأمور الكارثية، وإلا ستكون العواقب وخيمة.
 
وعن زواج المسلمة من مسيحي بيّن كريمة، أنه لا يجوز على الإطلاق أن يشرعن أي أحد لمثل هذا، فالقضية محسومة بعدم زواجهما مستدلًا بقوله تعالى: " لا هن يحلون لهم ولا هم يحلون لهن".
 
يريدون هدم المعتقدات الدينية وجعلها "سداح مداح"
 
ومن جانبه أكد الدكتور طه أبو الحسن، أستاذ علم الاجتماع، أن المجتمع المصري أصبح موبوء بالعديد من الأمراض التي تمثل خطورة عليه، حيث ستؤدي في النهاية إلى تمزيقه وشرذمته، وضياع وحدته، خاصة بعد ظهور حفلات الجنس الجماعي، التي ظهرت بعدها كارثة أخرى وهي القبض على مأذون زور عقد زواج بين مسيحي ومسلمة.
 
وأضاف في تصريحات خاصة لـ "الفجر"  أن مثل هذه الأفعال  تعد خبيثة خبثا شديدًا كونها تعمل على تغيير عقيدة المسلم وتريد أن تعمل على هدم الفروق والأحكام الدينية بين المسلمين والمسيحين وهذا لا يجوز، قائلًا إن الله سبحانه وتعالى قال " لكم دينكم ولي دين".
 
وأعرب عن غضبه الشديد تجاه من يعملون على إيجاد مثل هذه المعتقدات التي ستأتي بالوبال على المجتمع، حيث أن الكثير من الشباب سيقوم بعمل علاقات غير شرعية تضرب الأحكام الدينية، كنتيجة طبيعية لاعتراض الآباء، وبالتالي سيتطور الشباب في علاقته وسيصبح هناك فصولا من العلاقات غير الشرعية المنهي عنها، مطالبًا مؤسسات الدولة أن تناهض مثل هذه الأفكار، الضالة التي تنهش في قوة تماسكه نتيجة ظهور أجيال من هذا السفاح وليس الزواج.
 
سيخلق أجيالا منبوذة ..والإعلام السبب
 
كما حملت الدكتور سامية خضر صالح، أستاذ علم الاجتماع، الإعلام الذي لا يزال يلقي بمعتقدات تصطدم اصطداما مباشرا مع  المناهج الدينية، التي ستؤدي بالنهاية إلى الإطاحة بالمجتمع.
 
وأكدت أن ظهور هذه الحالة الخاصة بزواج المسيحي من مسلمة، ستؤدي إلى مشكلات مجتمعية خطيرة، مبينة أنه من المستحيل بالطبع، أن تكون هناك موافقة شرعية لهذا الزواج، وبالتالي سيسبب هذا أولا تقطيع الأرحام، وتفتيت المنظومة المجتمعية، واختلاط الحابل بالنابل، وإيجاد أجيال جديدة مظلومة منبوذة من قبل الجميع، فضلا عن ضياع المعتقدات الدينية" بحسب أستاذ علم الاجتماع.
 
وأوضحت أن الحل يكمن في التصدي الفوري من قبل المؤسسات الدينية خاصة الأزهر وكذلك الكنيسة، فضلا عن الرادع الأساسي الخاص بالقانون، والنظر فيما يقدمه الإعلام خاصة الدراما، سبب الكوارث والمصائب على حد قولها.
 
القس رفعت فكري: لازلنا "محدثي مدنية"
وعلى الجانب الآخر، اعتبر القس رفعت فكري، رئيس لجنة الاعلام والنشر بالسنودس الانجيلي، أن مصر حاليًا حديثة العهد بالدول المدنية، قائلًا :"في الدول المدنية أي حد عايز يتجوز أي حد بيتجوزه، إنما احنا لسه دولة حديثة العهد بالتمدن منذ 50 عامًا ونحتاج إلى سنين حتى نتعايش مع الآخر".
 
 وتابع: "في النهاية نحاول أن نفهم كيف سيكون الوضع لو حدث زواج بين شخصين مختلفي الديانة مرة أخرى في مصر، فهل ستتعامل معه الدولة بعنف أم ستتجاهله أم تنهيه جلسة عرفية ؟".