كارثة مائية جديدة تنتظر مصر.. ودراسة تؤكد زوال بحيرتي "المنزلة وأدكو"

تقارير وحوارات

محمد الشاذلى استاذ
محمد الشاذلى استاذ علم البيئة بكلية العلوم جامعة القاهرة


أكدت دراسة أجراها فريق بحثي من أساتذة العلوم والآداب بجامعة القاهرة،  بالتعاون مع مراكز بحثية بوزارة الزراعة، وجود كارثة مرعبة تهدد شكل الحياة المائية في مصر.

وأوضحت الدراسة، أن النتائج التي توصل لها الفريق وتم نشرها في دوريات علمية فبراير الماضي تدق نافوس الخطر حول مستقبل البحيرات المصرية وثرواتها، وتقلص مساحة البحيرات في مصر  منذ عام 1800.

ورغم أن الاتهام كان موجه دائما لمشروع السد العالي، إلا أن الدراسة أوضحت أن تقلص المساحة بدأ مبكرا قبل انشاء السد العالي وذلك نتيجة أسباب طبيعية وسوء الإدارة.

وحذرت الأبحاث من أن التقلص المتزايد في مساحات بحيريتي المنزلة وأدكو يعطي فرضية بأن البحيرتان تتجهان نحو الاختفاء نتيجة ردمها والبناء عليها وعوامل أخرى متعددة إذا لم يتم وضع وتنفيذ خطة فورية لإدارة البحيرات بطريقة علمية متكاملة حيث تقلصت مساحة بحيرة المنزلة من 486 كيلومتر مربع عام 2005 إلى 288 كيلومتر مربع عام 2015.

أما بحيرة أدكو فتكاد تكون اختفت حيث تقلصت مساحتها من حوالى 150 كيلو متر مربع عام 1953 إلى حوالي 18 كيلو متر مربع عام 2014.

البحيرات جزء من التاريخ الطبيعي العالمي قتله الإهمال
قال الدكتور محمد  الشاذلي أستاذ بقسم البيئة بعلوم القاهرة وأحد أعضاء الفريق البحثي، إن هناك خمس بحيرات شمالية في مصر وهي: "مريوط وأيدكو والمنزلة والبرلس والبردويل" وهذه البحيرات تعطي أكثر من نصف الإنتاج السمكي في مصر.

بالإضافة إلى كونها ضمن التكوينات الطبيعية التي ترتبط في نشأتها منذ أكثر من ستة آلاف عام بنهر النيل والبحر المتوسط، وبالتالي فهي جزء من تراث التاريخ الطبيعي للبيئة في مصر بنشأتها الطبيعية وكونها تمثل المصب الأصلي لأطول أنهار العالم – نهر النيل.

وكذلك موقعها كموطن للطيور المهاجرة كل عام وأيضًا ما تحويه من تنوع في الكائنات الحية، حتى أن أحد تلك البحيرات اعتبر جزء من تراث التاريخ الطبيعي العالمي بموجب اتفاقية رامسار لحماية الطيور.
 
الدايوكسين السام كارثة أخرى تهدد المصريين
وأضاف الشاذلي ، أن هناك كارثة صحية خطيرة توصل إليها  فريق البحث، حيث لأول مرة يتم قياس نسب ملوثات الدايوكسين وهي مركبات عضوية تعتبر من أخطر الملوثات التي تنتج عن  بعض الأنشطة الصناعية وتصل إلى البحيرات عن طريق إلقاء  مخلفات المصانع غير المعالجة في مجاري الصرف الزراعي التي تصب في بحيرات الدلتا. 

وأوضحت التحاليل وجود 3 أنواع من الدايوكسين في المياه بنسب تفوق النسب المسموح بها طبقا لتوصيات منظمة الصحة العالمية كما أوضحت التحاليل وجود 4 أنواع من الدايوكسينات في أسماك البلطي المستخدمة كغذاء للإنسان بنسب تفوق الحد الأدنى الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية عام 2005.
 
دم البحيرات مفرق بين الجهات الحكومية !!
وأشار الشاذلي، إلى أن مسؤولية البحيرات مفرقة بين العديد من الجهات الإدارية الحكومية المختصة في حماية البيئة المائيىة، و على رأسها جهاز شؤون البيئة وقطاع النقل البحري والهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية (وزارة الزراعة) ووزارة الموارد المائية والري والجهات المختصة بحماية الشواطيء.

فضلا عن دور وزارة الصحة في الرقابة على جودة الأسماك وأيضًا على ما قد يتعرض له الصيادين من أخطار نتيجة التعامل مع المياه الملوثة الأمر الذي اعتبره عيبا و ليس ميزة نظرًا لتداخل الاختصاصات والمسؤوليات واحيانا التعارض والتقاطع بين مسارات العمل في تلك الجهات، هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى يمكن لكل جهة أن تحمل مسئولية التدهور في حالة البحيرات إلى جهة أخرى فيتفرق دم البحيرات التي على وشك الفناء بين الجهات الحكومية.
 
وتابع: أن تقرير جهاز شؤون البيئة حول البحيرات ضحل ومن كتبه يوقن أن أحدًا  لن يراجعه.

كما أشار  الشاذلي، إلى أن تقرير جهاز شؤون البيئة عن البحيرات الذي قدمه من خلال برنامج الرصد البيئي عام 2009/ 2010 والذي وصفه بالضحالة الشديدة حيث يعرض نتائج بسيطة لتحاليل يمكن إجرائها في أي معمل مختص بمبالغ زهيدة بدون أي تفسير لنتائج تلك التحليل (التى يمكن أن يجريها أى شخص غير متخصص بمجرد سحب عينة مياه وإرسالها إلى معمل تحاليل)، وعدم احتواء التقارير على أي توصيات موجهة لإدارة الموارد المائية أو الثروة السمكية أو حماية الشواطئ.

وأوضح عضو الفريق البحثي، أن تلك التقارير لا تشير إلى أي أبحاث منشورة في الدوريات العالمية عن البحيرات وما تتعرض له من أخطار وكأن المشروعات الضخمة التي تمت لدراسة تلك البحيرات والأموال التي انفقت على تلك المشروعات والعلماء المصريون وغير المصريون الذين ساهموا فى تلك المشروعات العلمية أشياء غير مرئية وغير موجودة.