وسط تجاهل المسؤولين.. بلطجية يحولون اسطبل "فرج فضة" إلى وكر للدعارة وتعاطي المخدرات (فيديو وصور)

تقارير وحوارات

بوابة الفجر



أبواب خشبية عتيقة تكسوها الأتربة، ومبانٍ تكاد تسقط فوق المارة، وجدران متآكلة، وأسقف على وشك الإنهيار، يظن الغريب للوهلة الأولى أنه يرى فيلمًا من أفلام الخمسينيات، يبدو أن المشهد مختلفًا بمجرد الاقتراب، أعلى الشارع "إسطبل" به مجموعة من الخيول، وعربات الكارو متهالكة، بالإضافة إلى تلال من القمامة رائحتها النفاذة تؤكد أنك تسير نحو بواقع مؤلم، سكانه مختبئين داخل هذه المبانٍ دون رحمة من مسؤولي المنطقة، يعيشون وكأنهم منعزلين عن العالم.

"العرباجية" عنوان ناصية شارع (9 فرج فضة) بمنطقة "قايتباي" التابعة لحي منشأة ناصر بالقاهرة، يستيقظون صباحا لبدء عملهم ويأتون في الليل لينعموا براحة داخل صومعتهم (الإسطبل) المحتلة من قبلهم دون أن يعكر أحد صفو معيشتهم، على الجانب الآخر يوجد طرف ينزف قهرًا وضعتهم الظروف في هذا الوضع البائس ليعيشوا مهددين بالموت، حياة على "كف عفريت" وأزمات متتالية تلاحقهم من شتى الجوانب، بين تجاهل المسؤولين، وبلطجة "العرباجية".

رفع الصور

تقاعس المسؤولين

في البداية يقول محمد رمضان، أحد قاطني منطقة قايتباي التابعة إلى منشأة ناصر، إن مشكلة الإسطبل، موجودة منذ سنوات عديدة، منذ أن ورث أحد الورثة للمكان وكان في مجموعة من الناس طلبو منه أن يضعوا الخيول الخاص بهم داخل الإسطبل، ووافق والمشكلة حدثت من بعدها، حيث رفضو الخروج  وأخذ المكان بوضع اليد، منذ فترة تقارب أربع سنوات، والمنطقة اتحولت لسوق من "العرباجية".

وأضاف "رمضان، لـ"الفجر"، أن أهالي المنطقة تقدموا بأكثر من شكوى على مدار أربع سنوات للجهات المسؤولة المتمثلة في حي منشية ناصر، وقسم الشرطة، وكل جهة ترمي عن أكتافها المسؤولية للأخرى، لافتًا إلى أن بشكل دائم تحدث مشاجرات بين الأهالي و"العرباجية"، ويصل الأمر أن الأخير يستخدم السلاح والمولوتوف، والقسم يعلم بذلك دون تحرك.

وقال إن رئيس المباحث:"محدش يدخل إحنا هنتصرف، ويسكتونا وبس ولا حد يعبرنا"، ورد رئيس الحي "محمد نور"، عند سؤاله إعلاميا أو في أي جهة ما يقول إن"العرباجية" لديهم أوراق تثبت إيجارهم للمكان، وهذا الكلام غير صحيح.

وأشار"رمضان"، إلى أن يوجد أكثر من إصدار لقرارات الغلق من المحافظة بعد معاينة اللجنة المختصة من شئون البيئة، لكن الحي بيتقاعس ولم ينفذ القرار، متهمًا رئيس الحي بالتقاعس لصالح "العرباجية"_ بحسب قوله.

رفع الصور

وكر للدعارة والمخدرات
وتلتقط منه أطراف الحديث "أم يوسف"، أحد قاطني المنطقة، بنبرة حزينة، تقول إن الضرر لحق بهم من جميع الاتجاهات بكون منزلها بجوار الإسطبل مباشرة، دون تحرك من قبل المسؤولين، مؤكدة أن الحي غير متعاون معهم بل متعاون مع "العرباجية"، وهو من يقوم بإبلاغهم أنهم قدموا شكوى ضدهم، مما يسفر عن إهانات شتى من قبلهم لأهالي الحي يصل الأمر إلى المشاجرات.

ولفتت"أم يوسف"، لـ"الفجر"، إلى أن الإسطبل عبارة عن وكر للمخدرات والدعارة، موضحية أن منذ فترة قام أحد العرباجية باغتصاب طفل في الخامسة عشر من عمره، كان والده يعمل غفيرًا للمكان، والحادثة مسجله بالقسم، فضلا عن اكتشاف أهل الحي لإحدى الفتيات داخل "شكارة" من الأعلاف ودخولها الإسطبل، وأيضا قاموبتقديم شكوى ومحضر ومسجل بالقسم، ولكن دون تحرك، ناهيك عن شرب المخدرات التي رائحتها تملىء المكان ليلاً_بحسب قولها.


رفع الصور

عجز السلطة
بينما يروي حافظ فضة، أحد الورثة ومالك الأرض، أنه حاول مرات عديدة إخراج هولاء"العرباجية"، من المكان لا سيما وهم أخذوا المكان بوضع اليد دون عقد يثبت أنهم مستأجرين عن طريق القانون، ولكن لا حياة لمن تنادى، فقسم منشأة ناصر ترمي مسؤوليتها على حي ذات المكان،وهكذا إلى أن يظل الموضوع متوقف دون تحرك ويبقى الحال كما هو عليه.

وأضاف"فضة"، لـ"الفجر"، أنه لا يستطيع إخراجهم نظرًا لعجز السلطة في البلد، ولكون هولاء العرباجية أقوى منهم بحمايتهم في الشرطة والحي_بحسب وصفه، متسائلا لماذا يتقاعسنا القسم والحي معه بالرغم من أنه صاحب حق والضرر البيئة بينته وجاء قرار بالغلق؟.


رفع الصور

أطفال محرومة
"لا نستطيع العيش بأمان مثل البشر، خوفًا طوال الوقت على الأطفال" تقول "أم محمد"، إحدى قاطني المنطقة، "من أيام دخل عليا حصان وفضلت أصحى في ابنى الكبير، ولن أستطع أن أخرجه وفضلت في رعب أنا وبناتي، إلا أن أصحابه اصطحبوه للخارج، وقالولى معلشي يا حاجة، وأنا من خوفي بسكت لأنهم بلطجية وممكن يعملوا حاجه في بناتي، ووصل الأمر أن ما بمشيش بناتى ولوحدهم خوفا منهم"، متسائلة إلى متى تعيش في هذا العذاب، وأين الحكومة؟.

وتستكمل"أم محمد"، حديثها قائلة: أن أطفالها محرومين من الخروج واللعب حتى أمام المنزل خوفا من الحيوانات، لافتة إلى أن رائحة المخدرات تكون داخل منزلها ولا يستطيعون التنفس، ولكنهم مجبرين على الوضع لأنهم لم يستطيعوا تغيير الواقع، وتضيف:" ولادي بيتكسفوا يعزموا صحابهم للمعايرة أنهم عايشين وسط إسطبل، وفي المدرسة كمان منبوذين بسبب الإسطبل كأنه عار علينا".


رفع الصور

الحي ينفي مسئوليته
من جانبه أكد محمد نور، رئيس حي منشأة ناصر بالقاهرة، أن الحي بالفعل وصل له إصدار بالغلق، ولكن دوره هو كتابة محاضر فقط تفيد بالشكوى المقدمة من السكان، وقرار الغلق وتنفيذه هو دور للشرطة هو الغلق وليس الحي، لافتًا إللى أن على السكان التوجه للقضاء والإصرار على أن يطبق قرار الغلق، غير ذلك ليس من شأنه.

رفع الصور

تأثير سلبي على سلوك الطفل
من جانبه قال الدكتور ماهر الضبع، أستاذ علم النفس في الجامعة الأمريكية، إن نشأة الأطفال وسط أماكن مليئة بإسطابلات، تأثر بشكل نفسي على سلوك الأطفال، لأن البيئة جزء من شخصية الإنسان، فالمكان إذا كان مليئًا بالقذورات، فيكون حياته بدون نظام، إضافة لتغيرات السلوك على مدار حياته للأسوء، فضلا عن أحساس العجز، بأنه لا يستطيع تغير المكان، خاصة لو خرج خارج مكانه، فبيبدأ يقارن بين أنه تحمل هذا المكان وبين ناس تعيش بأماكن نظيفة ومن هنا يبدأ الصراع الداخلي له، وبينتج عنه 
تداعيات نفسية سالبية كبيرة.

وأضاف "الضبغ"، في تصريحات صحفية لـ"الفجر"، أن سمة العدوانية وحب الذات ونكران الآخر، تتغلب على سلوك الطفل ويبدأ في تشويه البيئة، وتظهر سلوكياته في صورة تدمير كل ما هو جميل، مثل قطف الأزهار، والكتابة على الحوائط.

وأشار "الصبغ"، إلى أنه بالطبع إذا نشأ وتربى الطفل في بيئة نظيفة إلى حدًا ما، سينعكس ذلك على النفس فيتغير السلوك الشخصي مما يؤدي إلى تحسن الحالة النفسية العامة، وبالتالي سيؤدي لنجاحة في الحياة وزيادة في الطاقة والعطاء.

رفع الصور

أمراض صدرية مزمنة
بينما قال الدكتور طه عبد الحميد عوض، أستاذ الأمراض الصدرية والحساسية بطب الأزهر، إن أي هواء يستنشق له تأثير سلبي على عملية التنفس، لا سيما وأنها تدخل عبر الرئتين، موضحًا أن الحيوانات داخل الإسطبل تتغذى على الحشائش، والبقوليات ويعتبر عش متراكم على هيئة فطريات.

وأوضح "عوض"، في تصريحات صحفية لـ"الفجر"، أن الفطريات التي تتغذي عليها الحيوانات تتسبب في تليف في الرئتين، وأمراض الجهاز التنفسي مما تؤدي لأزمات ربوعية، ناهيك عن فضلات الحيوانات والتي تؤدي إلى تداعيات سالبية جثيمة تصل إلى هبوط في عضلة القلب.

وأشار" عوض"، إلى أن الضرر الأكبر هو وجودها بجانب الأحياء السكنية، وخطورتها على الأطفال تبدو واضحة، مضيفًا أن معدل إصابتهم بشكل كبير بأمراض فيروسية خاصة الأزمات الصدرية والقلبية لضعف مناعتهم، وكذلك كبار السن، ولذا يجب إخلاء هذه الحيوانات ونقلها لأماكن بعيدة عن المناطق السكنية.


رفع الصور

قرار بالغلق
الإسطبل صدر له قرار بالغلق، ولم ينفذ من قبل الحي، في السابع عشر من مارس لعام 2013، بناء على شكوى مقدمة من أهالي المنطقة بشأن وجود إسطبل للخيول في منطقة سكانية على مساحة 850 متر مربع، وبالمعاينة على الطبيعة تبين وجود الإستطبل وتم تحرير محضر بيئة برقم 31لسنة 2016 وتم انذاره من قبل إدارة البية لإزالة أسباب الشكوى.


رفع الصور