السر وراء دخول "إسرائيل" تحت مظلة "الاتحاد الأفريقي"

 

 

 

في ظل التطور الخطير الذي تشهده العلاقات المصرية الإثيوبية على خلفية "سد النهضة"، زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عدد من الدول الإفريقية من أجل التغلغل وإقامة علاقات تعاون وفرض السيطرة، وهو الأمر الذي قابله صمت غير مبرر من الجانب المصري، مما تسبب في حالة من النقد والاستنكار والاستهجان من قبل كثيرين.

 

البداية كانت مع مشاركة نتانياهو مساء الإثنين الماضي، خلال زيارته أوغندا من جولته، في قمة إقليمية مصغرة حول الأمن والتصدي للإرهاب، مع رؤساء دول وحكومات كينيا ورواندا وأثيوبيا وجنوب السودان وزامبيا وملاوي، وقد تعهد هؤلاء بـ "قبول إسرائيل دولة مراقبة لدى الاتحاد الأفريقي".

 

كانت إسرائيل عضوًا مراقبا في منظمة الوحدة الأفريقية حتى 2002 عندما حلت المنظمة، واستبدل بها الاتحاد الأفريقي .

وتعتبر أثيوبيا مهمة لإسرائيل، وقد انتخبت لتوها بين الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن الدولي لمدة سنتين، بداية من الأول من يناير 2017.

 

جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، مغازلته للأفارقة قائلا: "إن إفريقيا هي بالنسبة إلينا، مجهود استراتيجي كبير. جميع البلدان الإفريقية يمكنها الاستفادة من تعزيز التعاون مع إسرائيل".

 

وأجرى نتنياهو وأعضاء وفده ورجال أعمال زاد عددهم عن 80 ، مباحثات مع نظرائهم الإثيوبيين تطرقت إلى المياه والزراعة والاتصالات والسياحة، ووقع الجانبان اتفاقات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والسياحة.

 

من جهته رحب رئيس الوزراء الإثيوبي، هايلي ميريام ديساليغنا، برئيس وزراء إسرائيل قائلا: إن "بلاده تدعم انضمام إسرائيل إلى الاتحاد الإفريقي، وذلك بعد يومين من إبداء كينيا موقفا مماثلا، فيما يبدو أنه مكسب جديد للسياسة الإسرائيلية في إفريقيا".

 

وجاءت تصريحات ديسالينغنا خلال مؤتمر صحفي أمس، مع نظيره الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي يختتم اليوم جولة إفريقية دامت 5 أيام وزار خلالها إضافة إلى أثيوبيا، أوغندا وروندا وكينيا، وفق ما أوردت وكالة "فرانس برس".

 

وأضاف ديسالين: "إسرائيل تعمل بجهد كبير في عدد من البلدان الإفريقية، وليس هناك أي سبب لحرمانها من وضع المراقب"، وتابع:" نريد أن تصبح إسرائيل جزءا من نظامنا الإفريقي. نأخذ موقفا مبدئيا بجعل إسرائيل جزءا من اتحادنا".

 

وحول ذلك قال ياسر طنطاوي، الباحث في الشئون الإسرائيلية، إن تحركات إسرائيل في إفريقيا لم تكن وليدة اليوم أو الأمس، بل بدأت منذ فترة طويلة، لكنها لم تصل إلى القيادة العليا الإسرائيلية، بل كانت مقتصرة على السفراء والدبلوماسيين فقط.

 

وأضاف "طنطاوي"، في تصريح صحفي، أن زيارة إسرائيل إلى أثيوبيا وغيرها من الدول الإفريقية من أجل محاولة التغلغل وإقامة علاقات تعاون وفرض السيطرة، لافتا إلى أنها تسعى للتعامل مع أثيوبيا لوضع رؤية تاريخية ودينية، لإرجاع الأصول الإثيوبية إلى اليهودية أو إسرائيلية، حتى تستطيع تحقيق أهدافها كما استطاعت احتلال فلسطين.

 

وأشار "طنطاوي"، إلى أن إسرائيل تحاول حاليا من خلال علاقاتها مع الدول الإفريقية تحقيق غايتها واحتلال منصب مراقب أو عضوية بالاتحاد الإفريقي والذي فشلت في الحصول عليه سابقا، لتستطيع أن تمرر أي قرارات في الأمم المتحدة من خلال إفريقيا وحتى تستطيع أيضًا أن تحصل على ظهير استراتيجي بالنسبة لها خاصة في منابع النيل، لتستطيع أن تؤثر على مصر أو الضوء السياسي بشكل أساسي.

 

وتابع: "على مصر وجامعة الدول العربية أن تحاول إعادة السيطرة على الدول الإفريقية ومواجهة مساع إسرائيل للسيطرة على إفريقيا خاصة الدول التي ترغب في التنمية، فهي تحاول بقدر المستطاع أن تضع لنفسها شكلًا للشرعية، سواء للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية، وكذلك مد علاقاتها مع الإفريقيين للاستفادة من خيارتهم وإمكانياتهم، وتدعمهم لخدمة مصالحها في الأمم المتحدة.

 

من جهتهم أبدى ساسة ونواب تخوفاتهم من التحركات الإسرائيلية تجاه أفريقيا، محذرين بخطورة  ذلك على ملف سد النهضة، ومستنكرين صمت الحكومة ومجلس النواب على ذلك الأمر .

 

من جهته قال النائب كمال أحمد، عضو مجلس النواب، إن توثيق إسرائيل علاقتها مع دول حوض النيل هي حصيلة اهمال مصر لإفريقيا منذ خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وما تبعه بعد حادث أديس أبابا في التسعينيات.

 

وبسؤاله عن مدى تأثير العلاقة على "سد أثيوبيا" قال النائب في تصريح خاص لـ"الفجر" بالتأكيد ستؤثر العلاقة بالسلب على مصرـ وبالإيجاب على أثيوبياـ مشيرًا إلى أن الأخيرة أصبحت تلاعب مصر بهذه الورقة، وتجرأت على إعلان العلاقات من سرية إلا علانية بسبب تخاذل الموقف المصري.

 

وعن صمت الحكومة والنواب تجاه توثيق العلاقات الإسرائيلية الإثيوبية قال أحمد: "إن هناك علاقات سرية تدار الآن بين الجانبين قاصدًا "المصري والإثيوبي"؛ لكن على أي حال تتحمل الحكومة عواقب صمتها.

 

بينما توقع السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، إن دول الاتحاد الأفريقي لن توافق لانضمام إسرائيل كعضو مراقب للاتحاد.  

                       

وأضاف "العرابى" في تصريح صحفي، أنه حتى الآن أعلن أربع دول فقط دعمهم لانضمام إسرائيل إلى الاتحاد الأفريقى، متوقعًا عدم موافقة باقى الدول على انضمامها.

 

وأوضح "العرابى" أن القمة الأفريقية المقبلة والتى من المقرر عقدها منتصف الشهر الحالى ستحسم أمر انضمامها.

وأشار "العرابى" إلى أنه حتى فى حالة الموافقة على انضمامها فإن وجود إسرائيل فى الاتحاد الأفريقى كعضو مراقب لن يكون له ضرر مباشر على مصر.

 

من جهتها فسرت النائبة مى محمود، أمين سر لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب دعم أثيوبيا لإسرائيل للتواجد فى الاتحاد الإفريقية بصفة عضو مراقب، ومحاولات إسرائيل المستميتة للتمدد داخل إفريقيا وزيادة نفوذها، لنجاح مصر فى إعادة علاقتها مع دول القارة الإفريقية.

 

وأكدت فى تصريح صحفي، أن نجاح مصر فى إعادة التقارب الإفريقى مع دول القارة تسبب فى إنزعاج شديد لإسرائيل، الأمر الذى دفعها لاستغلال التقارب مع بعض دول القارة لزيادة نفوذها فى القارة.

 

وأوضحت أمين سر لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان أن أبلغ رد على هذه التحركات الإسرائيلية فى القارة بدعم من أثيوبيا ، هو العمل بشكل أكبر على زيادة توطيد العلاقات بكافة دول القارة وزيادة حجم الدور المصرى فى القارة، باعتبار أن العلاقات مع دول القارة الإفريقية، لا تنحصر فقط على العلاقات مع دول مصب نهر النيل .

 

وعن إمكانية تأثير علاقة أثيوبيا وإسرائيل على أزمة سد النهضة ، قالت إن إسرائيل استغلت فترة غياب التواجد المصرى فى إفريقيا وتقاربت مع بعض الدول وعلى رأسها أثيوبيا لحصار مصر ، وهذا التقارب الإسرائيلى الأثيوبى انعكس بشكل سلبى على قضية السد.

 

قال الباحث السياسي بالمركز العربي الإفريقي مصر للدراسات السياسية والاستراتيجية أشرف عمارة، إن سكوت الحكومة والبرلمان وإهمالهم وعدم وجود رؤية وخطة واضحة تجاه التوغل الإسرائيلي في القارة والذي دخل مرحلة جديدة وهي العلانية بعد أن كان في السر.

 

وأكد عمارة أن هذا السكوت مخزي وعار على الدولة المصرية للأسف موضحا أن زيارة نيتنياهو للقارة السمراء زيارة مشبوهة وغير مرغوب فيها