شروط صحة الاعتكاف.. بين توقيت الالتزام بالمسجد وممارسة الحياة الطبيعية

تقارير وحوارات

الاعتكاف بالمسجد
الاعتكاف بالمسجد - أرشيفية


يقبل بعض الصائمين في العشرة الأواخر من شهر رمضان على الاعتكاف في المساجد، فمنهم من يعي فقه الاعتكاف السليم ومنهم من لا يعلم أن بعض التصرفات كالإفراط في الطعام، وتعطيل مصالح العباد ليست من سُنن الاعتكاف، حيث اتفق بعض المختصين أن مدة الاعتكاف تحددها طبيعة ظروف المعتكف، فقد تكون ساعة أو يوما أو ثلاثة أيام، وقد تكون مجرد دخول المسلم إلى المسجد لأداء صلاة العشاء أو الفجر، شريطة أن تكون في جماعة، أو الدخول في المسجد لأداء أي صلاة، فضلاً عن الاعتكاف في مساجد مؤهلة لذلك.
 

الاعتكاف في رمضان من العبادات التي تجمع كثيرا من الطاعات منها تلاوة القرآن و الصلاة و الذكر و الدعاء و غيرها من الأعمال الصالحة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبضت روحه فيه اعتكف عشرين يوما فالمعتكف يحبس نفسه على طاعة الله و ذكره، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عن الله تعالى ، و عكف بقلبه و قالبه على ربه و ما يقربه منه ، فما بقي له هم سوى الله و ما يرضيه عنه.
 
وقت دخول المعتكف المسجد والخروج منه
متى دخل المعتكف المسجد و نوى التقرب إلى الله بالمكث فيه صار معتكفا حتى يخرج، فإن نوى اعتكاف العشر الأواخر من رمضان فإنه يدخل معتكفه قبل غروب الشمس ويخرج بعد غروب الشمس آخر يوم من الشهر .
 
ويشترط على المعتكف ألا يعطل مصالح المسلمين باعتكافه، وأنه لا يجوز للمعتكف استخدام الهاتف المحمول أو "اللاب توب" أثناء مدة الاعتكاف، حتى ولو بغرض قضاء الحاجة وتيسير أمور عمله، كما أنه لا يجوز خروج المعتكف من المسجد لأي ظرف، حتى لو كان لعيادة مريض أو اتباع الجنائز أو المأكل والمشرب.
 
فيما اختلف العلماء حول أحقية المرأة في الاعتكاف بالمساجد، حيث يرون أنه لا يصح للمرأة الاعتكاف، حماية لها من الفتنة، وأنه يجوز لها الاعتكاف في حالة اعتكاف زوجها، اقتداء بزوجات النبي (صلى الله عليه وسلم)
لابد من توفير مساجد مؤهلة للاعتكاف.
 
شروط لابد أن تتوفر في أماكن الاعتكاف
في البداية يقول أحمد السيد، ماجستير الشريعة والقانون، إنه لابد أن نعلم فقه الاعتكاف بمعنى انتداب وحالة خاصة بين العبد وربه يزهد فيها الإنسان عن الخلق، ويدخل في عاوزة الخالق ويكون قليل الطعام والكلام، كثير الذكر والتسبيح، وينقطع في بيوت الله سبحانه وتعالى، وبالتالي لابد أن الأمور الأخرى لا تكون من أولويات حياته.
 
وأضاف "السيد"، في تصريح خاص لـ"الفجر"، أن السلبيات التي تنشأ في المساجد لها عوامل كثيرة منها أنها ممكن أن تكون غير مجهزة التجهيز السليم ؛ فهي غير مؤهلة لتوفير مكان للطعام والشراب ولو عن طريق  الاتفاق مع جهة خارجية للمساعدة بهذا الشأن، فضلا عن المخالفات الخاصة بهم والاستخدامات الشخصية، فكل هذه مواصفات لابد أن تتوفر في مسجد الاعتكاف.
 
ولفت "السيد"، إلى أن وزارة الأوقاف حددت مساجد معينة تتوفر فيها بعض مواصفات الاعتكاف، وتخضع لإشراف الوزارة وتقع تحت إشراف المسجد المكلف من الأوقاف كما يقودها، وبالتالي تكون هناك عملية ضبط حقيقي من الناحية السلوكية أو الدعاوية والشرعية.
 

المفاهيم الخاطئة
وتابع الدكتور سيف رجب قزام، عميد كلية الشريعة بطنطا، أن الاعتكاف سُنة وتعني جلوس الإنسان في بيت الله متخلصا من مآثم الدنيا ومشكلاتها، وأن الهدف من الاعتكاف هو تقوية الصلة بين العبد وربه.
 
وأردف "قزام"، في تصريح خاص لـ"الفجر"، أن من المفاهيم الخاطئة لدى البعض هو أن يترك الفرد عمله وتعطيل مصالح العباد، فإذا توافر للإنسان كل متطلباته، فإنه مطالب في هذه الحالة بأن يقتدي بالرسول ويعتكف، أما إذا كان الإنسان في حاجة إلى العمل فإنه يكفيه أداء صلاة العشاء والفجر في جماعة فيكون بذلك قد اعتكف ليلته، أو ينوي الاعتكاف، عندما يدخل المسجد للصلاة في أي وقت.
 
وأشار" قزام"، إلى أن من أكثر السلبيات المنتشرة في الاعتكاف تحويل البعض للمساجد إلى مطاعم وغرف نوم، حيث ينتشر "بواقي الطعام" في المسجد ويصل البعض إلى طهي الطعام أحيانا وهو ما كان لا يحدث أيام الرسول(علية الصلاة والسلام).


برنامج واضح ومحدد
بينما أوضح الدكتور محمد أبوعاصي، عميد كلية الدراسات العليا بالأزهر، أن من الضروري ليكون الاعتكاف ناجحًا أن يضع برنامج واضح ومحدد له، وتحديد مكان الاعتكاف بالمسجد، فضلاً عن تجهيز هذا المكان ليكون صالحًا لإقامة المعتكفين.
 
ويرى "أبو عاصي"، أن المبالغة في إحضار الأطعمة يفضي إلى ثقل العبادة، وإيذاء المصلين برائحة الطعام؛ فالأولى للمعتكف أن يقتصد في ذلك، ناهيك عن اصطحاب الأطفال فالبعض يشجِع أولاده الصغار على الاعتكاف، وهذا شيء جيد، ولكن قد يكون الأطفال غير متأدبين بأدب الاعتكاف، فيحصل منهم بعض الإزعاج للمعتكفين.
 
وبالنسبة لاعتكاف المرأة، يقول "أبو عاصي" إن المرأة يجوز لها أن تعتكف في المسجد إذا كان هناك مكان مخصص للنساء، أو تعتكف في بيتها، اقتداء بزوجات النبي، مشيرًا إلى أنه يشترط لمن تنوي الاعتكاف أن تكون طاهرة طهارة كاملة.