"الهياكل وأرجل الماعز والحلويات".. وليمة "البؤساء" على مائدة رمضان.. ومواطنون: "بتفك الزنقة"

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


"بدل ما أضيع 30 جنيه في فرخة بنشتري الهياكل، وأهي حاجة فيها ريحة الفراخ"،  كلمات بسيطة خرجت من رجل في عقده الرابع، يحمل شنطًة بلاستيكية سوداء اللون، ولعله أخفى بداخلها كم كبير من الحزن لم يفصح عنه، وقال:" بالطبع أنا مثل أي رجل وأب يريد أن يأتي لأولاده بكل ما يتمنوه، ولكن كما يقول المثل العين بصيرة واليد قصيرة".
 



لما الفلوس بتعجز.. "العفش" بتفك الزنقة
إسماعيل عبدالهادي، يسكن في منطقة إمبابة، بمحافظة الجيزة، لا يقوى على أن يتحمل نفقة وجبة كاملة لخمسة أفراد، فيتجه إلى شراء أجزاء من الفرخة، التي يسميها البعض بـ" العفش" وهي تتكون من الهيكل الداخلي للدجاج والرأس، فزوجته تساعده في ذلك، فيصنع منها الـ"شوربة".
 
 ويقول وهو يظهر ملامح الرضاء على وجهه، :" الحمدلله، على كل حاجة، المدام عندي بتساعدني  أظبط الدنيا في البيت لما الفلوس بتعجز، بتطلب مني أروح السوق وأجيب كيلو هياكل وربع كيلو أرز، وتطبخ للعيال وتبسطهم".  







فئة كبيرة اتجهت للهياكل والجناحات
 بنبرة هادئة وغير مكترثة، يقول صاحب محل جزارة دواجن، إن الطلب على الهياكل والأجنحة أصبح كبير، وشرح ذلك قائلًا: "حاليًا أصبح الرائج بيعها أجزاء، فالأغلى منها هو لحم الصدر والذي يصنع منه "البانيه" وسعر الكيلوا 55 جنيهًا، ومن ثم تأتي الأوراك الأقل في السعر وتكون بـ 25 للكيوا".
 
ويتابع: "ارتفاع الأسعار جعل فئة من الناس تغيير نظام أكلها، فالفرخة التي يتراوح سعر الكيلو بها 19 و20 جنيها ربما لا تكفي عائلة مكونة من 4 أفراد، الأمر الذي جعلهم يبدلوها الهياكل والجناحات، وسعرها يبدأ من 10 جنيهات، وتنفذ بسرعة الكمية التي ننتجها يوميًا، خاصة في أيام الجمعة".
 
ارتفعت أسعار السلع الأساسية بنسبة 10 إلى 30 % بداية من شهر مايو، ولم يترك هذا الارتفاع بقايا اللحوم، حتى وصلنا إلى شهر رمضان ولم تحاول الحكومة أن تدرك الموقف وتسيطر على السوق.







بعملها زي كنتاكي
"بعملها زي كنتاكي، ما هو دا هو دا بس المهم إللي يفكر"، أجاب سريعا عن سبب شراءه جناحات الدجاج، عماد حمدي، الذي قال إنه في بعض الأيام لا يكون معه أموال لعمل وجبة بالمنزل أو شراء وجبة جاهزة، فتعلم من برامج التلفاز، أن ينفذ ما يخترعه بالمنزل، فيقول :" أنا بشتري كيلو جنحات وبجنيه بقسمات وبيضة وبروح أقليها وأكل ولا أكني كنتاكي".







ماسورة
"خلصت بعد ما جت  بساعة"،  كان يتحدث لنا عامل بمحل جزارة عن الماسورة، وهي جزء الفخذ، الأعلى من القدم، فالقدم تباع بسعر غالٍ جدًا، تتراوح بين 50 إلى 70 جنيهًا، وذلك حسب حجمها وكمية اللحم بها، لكن الماسورة تعتبر الجزء الأعلى يكون منزوع عنه اللحم، وتباع بـ 3 جنيهات.
 
"الماسورة" تباع لدى محل جزارة اللحم الجاموسي أو البقري أو الجملي، وإذا لم يتم بيعها للزبون يتم إلقائها في مقالب القمامة.
 
"ح.ع" في العشرينيات من عمرها، تشتري بخجل ربع كيلو لحم بـ 22.5 جنيه، ولرغبتها في إكمال وجبة كاملة لزوجها فهي تأتي بالماسورة وتضيفها على الشوربة لتعطي طعم دسم، وتقول :" الوجبة دي هتكلفني أنا وجوزي 35 جنيه في اليوم" وتسألني هل أتخيل أن هذا المبلغ هو مقابل عمل زوجها يوما كاملا، فلذلك تريد أن تهوّن عليه في يوم الإجازة بوجبة "ترُم عظمه".
 






أرجل الماعز.. "أكل الملوك والبشوات"
 جاء شهر رمضان المبارك على، أحمد محمود، يبيع أرجل ماعز، بالخير فهو يؤمن بمثل "رب ضارة نافعة" فنسبة الإقبال عليه طوال العام تعتبر عادية، ولكن في ظل ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، فمعدل البيع لديه زاد بنسبة كبيرة، فأرجل الماعز، التي يبيعها يصيح بصوت عالٍ "أكل الملوك والبشوات".
 
" لحم الماعز يشبه لحم الغزال، وهو شهي"، هكذا يعتبر أحمد محمود، ويضيف :" عندي تقدر بـ5 جنيهات تأكل وجبة دسمة، الفردة الصغيرة بجنيه والكبيرة بت2 جنيه ونصف، يتعملوا شوربة وفتة وتعمل عليها ملوخية كمان، ولا تقولي أكل أم حسن".






حل لأزمة
 " لدى ولدان، وفي يوم موسم المولد النبوي الماضي لم أملك إلا 15 جنيها"، قال إسلام محمد، لم يكن لدي أدنى فكرة كيف سيقضي 4 أفراد يومهم، ولم استلم مرتبي حتى وقتها، فاقترح عليا صديق أن اشتري رجول الماعز، وستكون الحل في هذا اليوم، ومن هذا اليوم كانت هي السبيل لحل أي أزمة مالية لا أحب أن تشعر بها عائلتي.




"الحلويات" بدائل اللحوم
 يطلق عليها البعض اسم "حلويات" لطعمها اللذيذ، ولكن آخرين تشمئز نفوسهم منها، "الفشة والكرشة والمومبار" هي بعض مكونات المعدة لدى الحيوان المذبوح، لعل أول من اتجه إلى أكلها كان رجل فقير الحال، وجد أن الأغنياء يلهثوا حول اللحم الأحمر ويتركوا الباقي.
 
أصبحت "الحلويات، السمين" من أشهر الأكلات المصرية، التي يرغب بأكلها سواء الزائر الأجنبي أو ابن البلد، لكن الطلب ارتفع عليها في الآونة الأخيرة بسبب ارتفاع سعر اللحمة.
 
تقول لنا الحاجة أم عماد، إن الفشة أو الكرشة لها استخدامات عدة، فيمكن أن يتم تشويحها أو طبخها، :" كل واحد ومزاجه" وعن الأسعار تقول إنها في متناول الجميع :" الفشة والمومبار بـ 30 جنيها لكل منهما، أما الكرشة بـ 20 جنيها للكيلو".





يذكر أن آخر بحث أجراه الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، أظهر أن نسبة الفقر العامة فى مصر تقدر بـ26.3%، لافتا إلى أن إقليم الصعيد يعد الأكثر فقرا داخل الدولة، حيث تتراوح نسب الفقر به 50%. 

وأوضح الجهاز أن محافظة أسيوط هى الأكثر فقرا داخل الجمهورية على الإطلاق، حيث تعدت نسبة الفقر بداخلها 60% وذلك وفق البحث الأخير الذى أخرجه جهاز التعبئة والإحصاء، يليها سوهاج وقنا والمنيا وأسوان، مشيرا إلى أن المحافظات الحضرية هى الأقل فى نسبة الفقر نظرا لعدم وجود ريف بداخلها، حيث تقل فيها الفقر عن 17%.