في ذكرى وفاته الـ 18.. "الشعراوي" أيقونة شهر رمضان

تقارير وحوارات

الشيخ محمد متولي
الشيخ محمد متولي الشعراوي





يعد من أشهر مفسري معاني القرآن الكريم في العصر الحديث؛ حيث عمل على تفسير القرآن بطرق مبسطة وعامية مما جعله يستطيع الوصول لشريحة أكبر من المسلمين في جميع أنحاء العالم العربي، إلى أن لقبه البعض بإمام الدعاة.

 بل ظل متربعًا على عرش قلوب الجميع لاسيما بشهر رمضان الكريم، فرغم تعدد أشكال وأسماء البرامج الدينية التي عرضت خلال الشهر الكريم طوال  السنوات الماضية، فإن أبرزها كان حلقات الشيخ محمد متولي الشعراوي، التي ارتبطت بها قلوب المسلمين، بل أصبحت من أهم الملامح المميزة للشهر الفضيل.

 أظهر نبوغاً منذ الصغر في حفظه للشعر والمأثور من القول والحكم، وكان الناس تعرفوا عليه وتوثقت صلتهم به وزاد حبهم له من خلال البرنامج التلفزيوني "نور على نور"، الذي كان يفسر الشعراوي فيه كتاب الله العزيز، ومن خلاله ذاع صيته في مصر والعالم العربي والإسلامي، ومن التلفزيون المصري انتقل البرنامج إلى إذاعات وتلفزيونات العالم الإسلامي كله تقريباً، خصوصاً أنه كان يفسر القرآن الكريم في سهولة ويسر، وكان يغوص في بحار المعاني والخواطر، ليستخرج أبسط المعاني ليتلقاها جميع الفئات، ولم يكن كلامه يخفى على سامعه مهما كان مستواه في العلم، أو قدرته على الفهم، فهو كما قيل السهل الممتنع.

ملامح الشهر الفضيل
وكان بين يديه يجلس عشرات المصلين ينصتون إليه باهتمام، ويشخصون أبصارهم إلى موضع فمه، ينتظرون كلماته بشغف بالغ، يتنحنح الشيخ، ثم يدقق النظر في الصفحة أمامه ويقول: "شهرُ رَمضانَ الذى أُنزلَ فيه القرآنُ هدىً للناسِ وبيناتٍ من الهُدى والفرقان فَمن شَهد منكم الشهرَ فلْيصُمْهُ" ثم يفسر الآية، ويبحر فى شرح معنى الصوم، والحكمة منه، وقبل أن يختتم خواطره حول الآية، يصيح الجالسون بين يديه في لحظة واحدة "الله.. الله" مؤمنين على كلامه، مبدين إعجابهم الشديد بما يقول.

وكانت أكثر التحذيرات المترددة بشكل دائم قبيل رمضان كان دائما ينهي عن الإسراف في الطعام خلال هذا الشهر،  استغلال هذه الأيام المباركة في العبادة والتقرب إلى الله: "فهو شهر العبادة".

عقب الآذان
من يجلس أمام الشيخ محمد متولي الشعراوي في المسجد قليلون جداً، إذا ما قورنوا بمن يجلس أمامه عبر شاشات التليفزيون في كل أنحاء الوطن العربي قبيل آذان المغرب، وتمتد لما بعد الآذان عندما يعقب عليه قائلاً فى صوت رخيم، يبعث على الراحة والطمأنينة "اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت سيدنا محمداً الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة، وابعثه اللهم المقام المحمود الذى وعدته، وصلِّ اللهم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم".

مواقف الشيخ الشعراوي
ومن القيم التي كان حريصا على تعميق إيمان الناس بها قيمة العمل لاسيما في شهر رمضان، فكان يقول: ليس هناك عمل أشرف من عمل، وليس هناك عامل أشرف من عامل، فكل إنسان يعمل والمجتمع محتاج إلى عمله فهو يستحق احترام الناس ورضا الله، ولذلك قلت لو أن الوزراء جلسوا في بيوتهم أسبوعا فلن يتغير شيء في حياة الناس، أما لو أن الكناسين لم يقوموا بأعمالهم لمدة أسبوع لصارت الشوارع كلها زبالة وانتشرت الأمراض، وضاق الناس بما هم فيه.

اعتكاف العشر الأواخر في رمضان
المقصد من الحكمة في أن الاعتكاف في الأيام العشرة الأخيرة من رمضان: هو الارتقاء وتصعيد التكليف رغبة في أن يكون المسلم في تمام الصفاء لأن صيام رمضان فيه تدريب الإنسان على الحرمان من أشياء كانت حلالا، ولأن الأيام العشرة الأخيرة في رمضان هي سُنة للاعتكاف.. ففي ذلك اختيار أن يظل الإنسان في بيتة وبين أهله، واختيار للإنسان أن يخرج من الألفة مع المكان والأهل. ولعل في ذلك تعويداً للإنسان أن يخلص أياماً ويتدرب علي الصفاء الذي يضيء الأعماق عندما يترك الإنسان أهله وماله وفي هذا تدريب لرحلة أخري هي ركن خامس من أركان الإسلام ، وهي الحج، تلك الرحلة التي يترك فيها الإنسان أهلة وبلده وماله وجاهه ويذهب إلي بيت الله.

وهكذا يصبح الاعتكاف تدريبا علي التقوي وإعداداً لرحلة الذهاب إلي الكعبة التي يتجه إليها كل مؤمن بالقلب ويزيد بها علم اليقين وكأنه يراها عين اليقين.

وفاته
16 يونيو عام 1998 هو تاريخ لن ينساه كل من أحب الشعراوي، حيث انتقل فيه من عالم الدنيا الفاني إلى رحاب الخالق لتسكن انفاسه، ولكن ظل بدلا منه صوته يتردد حتى الأن بتفسير أعظم الكتب ليصبح سفير الطمأنينة في قلوب الناس.