رمضان جنوب سيناء .. الحداثة لم تمنع تأثيرات العادات والتقاليد البدوية (صور)

محافظات

بوابة الفجر


بالرغم من أن الكثير من القبائل البدوية، أصابتها الحداثة، إلا أن لرمضان طبيعة خاصة جدًا عند البدو فهم يستطلعون هلاله من أعلى القمم الجبلية والمناطق الخلوية المرتفعة، ومع ذلك يلتزمون بالرؤية الشرعية التي تقوم بها الأجهزة الرسمية، وبالرغم من أن عاداتهم لا تقل أهمية في رصد هلال رمضان عن الأجهزة الحديثة فلديهم مقولة لم تخطئ قط وهي أن خامس الصوم صوم، بمعنى أنه إذا صام الإنسان في العام السابق مثلًا يوم السبت فعليه أن يعد خمسة أيام ليكون الصيام هذا العام الأربعاء مثلًا.

وعند ثبوت الرؤية تعلق الزينات وترفع الأعلام البيضاء للتعبير عن الفرحة باستقبال شهر رمضان، وطيلة شهر رمضان يحرص أبناء البادية على فتح المقاعد والدواوين للإفطار الجماعي كنوع من التكافل الاجتماعي، حيث يصطحب كل رجل أطفاله لتعويدهم على ذلك، ولا يبقى في المنزل سوى السيدات والفتيات والشيوخ كبار السن، فيتناول الجميع الإفطار معًا، أما الضيف فيكون له اهتمام خاص، حيث تترك له مائدة مستقلة.

ويسبق إعداد الإفطار إشعال النيران والمواقد المتوهجة، حتى يقبل عليها السائرون أو من يكون تائها في الصحراء وأهم ما يميزها هو وجود "المقعد" ذلك المكان الذي يفطر فيه الاهالي، حيث يقوم أهالي المنطقة التابعة لذلك المقعد بجلب ما طاب لهم من الزاد ويجتمعون معًا في المقعد من أجل تناول وجبه الإفطار معًا، حيث يأتي عابري السبيل من أجل تناول الإفطار ويكون مكان "المقعد" معروف للعامة، ويكون هناك تبادل في تناول هذا الإفطار حيث يقوم كل فرد بالأكل من الأكل الخاص بالآخر، وإن دل ذلك على شيء إنما يدل على الود والمحبة، وبعد الإفطار تترك المائدة ولا يرفع عنها الطعام حتى بعد صلاة التراويح تحسبًا لوصول أي ضيف أو عابر سبيل أو مار على الطريق ولم يفطر.

ويظل الصائمون يتناولون الحديث عن الأحداث اليومية لحين صلاة التراويح، وما أن يؤذن لصلاة العشاء بنفضوا من مجلسهم إلى المسجد لأداء صلاة التراويح طوال هذا الشهر الكريم.


وفي أواسط النهار يقوم الأهالي بالتجمع بعد صلاه العصر ويتناوبون قراءه القرآن واحدًا تلو الآخر حتى يحين أذان المغرب، وما يتعلق بصلاة التراويح يقوم الأهالي بالذهاب إلى المسجد، ويقوم كل فرد من المصلين بجلب المياه والعصير وما طاب أيضًا من الحلوى وبعد الانتهاء من الصلاة يذهب الشباب إلى مراكز الشباب للدورات الرمضانية المعتاد عليها في هذا الشهر الكريم.


ويمكن القول أن الأهالي في هذا الشهر الكريم يقومون بذبح الأفدية، ويكون هناك شبه اتفاق بين الأهالي فيمن يقوم بالفدية هذا الاسبوع، والذي يليه ومن المعتاد أن يقوم الأهالي بالفدية يوم الخميس أو الأحد، ومن العادات أيضًا التي يقوم بها الأهالي في هذا الشهر الكريم أن يقوم الأهالي بإيقاظ من معارفهم من أجل تناول السحور وهكذا فللأهالي جنوب سيناء حالات خاصه ينفردوا بها في هذا الشهرالكريم.

ومن عادات الشهر الكريم في سيناء أن توقف الخطبة أو الزواج إلى ما بعد انتهاء الشهر الكريم حرصًا على حرمة الشهر الفضيل، كما يتم إيقاف جميع المشاكل، والقضاء العرفي يقف تمامًا عند هذا الشهر فلا نجد إنسانًا يقوم برفع دعوى للمجلس القضائي إلا إذا كانت حادثة قتل فيتم فيها رمي ما يسمى بالوجوه ثم تؤجل الجلسة لبعد العيد وتعني ألا يتعرض أحد من أهل المجني عليه على أحد من قبيلة الجاني مراعاة لحرمة الشهر.

وفي سياق متصل، قالت عزيزة ألماظ، بنت جنوب سيناء ورئيس ائتلاف سيدات جنوب سيناء، عادات وتقاليد متوارثة عن الآباء والأجداد يستقبل أهالي جنوب سيناء شهر رمضان في فرحة واستبشار، فرحين بقدوم هذا الضيف الكريم ليحيوا أيامه ولياليه برغم ظروف الحياة الاجتماعية البسيطة قديمًا، من حيث اعتمادهم على مياه الآبار في الشرب بوجود بئر في كل منزل وكذا لمبة الجاز أو الفانوس في إنارة البيوت والخضراوات والفواكه تأتي من محافظة السويس أسبوعيًا.


وأشارت "ألماظ" إلى أنه منذ اليوم التاسع والعشرين يستطلع هلال شهر رمضان، حيث يتجمع الأهالي والشباب والأطفال ومأمور المركز "القسم حاليًا" في جامع المنشية بالعاصمة طور سيناء في انتظار إعلان شيخ الجامع ثبوت رؤية الهلال من أعلى مئذنة الجامع يصعدون الشباب ذوى النظر القوى ومعهم الشيخ حتى ثبوت الهلال فيعلن وقتها الشيخ في ملأ رؤية هلال شهر رمضان المعظم فيتجاذب كل منهم التهنئة بقدوم هذا الضيف الكريم وسرعان ما يذهبون لتعليق الزينات والرايات البيضاء على منازلهم تعبيرًا عن فرحتهم.

وعن نوعية الأطعمة التي يعتاد بدو جنوب سيناء على تناولها سواء في الإفطار أو السحور أوضحت ألماظ أن وجبتى الإفطار والسحور يكون لهم عاداتهم وتقاليدهم في ذلك حيث ﻻ يتناولون إلا قليلًا من التمر وحساء القمح الممزوج باللبن الحامض أو الرايب ثم بعد ذلك يذهبون لصلاة المغرب وﻻ يأتون إلا بعد صلاة التراويح فيبدأ الإفطار المكون من الأرز واللحم لحم الماعز أو الدشيشة باللحم أيضًا والفراشيح واللبن الحامض وهنا يتجلى التكافل الاجتماعي في صورة الإفطار الجماعى، حيث يصطحب كل رجل أولاده ليتعودوا على هذا العادة الحسنة وﻻ يبقى في المنزل إلا النساء والفتيات فتناول الجميع الإفطار معًا، أما الضيف فيكون له اهتمام خاص حيث تترك له مائدة معدة لذلك وتظل حتى بعد صلاة التراويح وﻻ يرفع عنها الطعام تحسبًا لوصول أي ضيف أو عابر سبيل أو مار على الطريق.

وأشارت أنه يوجد في كل بيت حجرة مستقلة عنه يطلق عليها الديوان أو المندرة فهى معدة ﻻستقبال الضيوف والزوار وفيها يتناولون الإفطار فيأتي الضيف إليها دون استئذان فهى مخصصة لذلك طيلة شهر رمضان وهنا يتجسد كرم الإنسان العربى الأصيل وتستخدم المندرة مكانًا للتسلية والسمر بعد صلاة التراويح مع تناول الحلوى مثل الكنافة واللحوحى والمشروبات والعصائر والقهوة والحبق حتى موعد صلاة التهجد، وبعد ذلك ينصرفون إلى منازلهم لتناول وجبة السحور التي تتكون من لبن حامض والفراشيح والجبن المصنوع من لبن الماعز وفى أوساط النهار يقومون الأهالي بالتجمع بعد صلاة العصر يتناوبون قراءة القرآن الكريم حتى أذان المغرب، ومن الألعاب الشعبية التي يحرص على لعبها الصبية في أيام رمضان السيجة والحل والعود والبرميل وكلها تلعب على ضوء القمر، أما البنات فيتجاذبن أطراف الأحاديث والحكايات من الجدات والأمهات في المنازل.