منال لاشين تكتب: «وثائق بنما» وفساد نظام مبارك لا يموت

مقالات الرأي



■ مستندات المسئولين الأمريكيين مرفوعة من الخدمة

هناك نوع من الفساد مثل الحمل يصعب إخفاؤه. هناك شبكات فساد مهما سكنت هذه الشبكات فى ظلام شركات الأوف شور والجزر الآمنة من مطاردة الضرائب .

وفساد نظام مبارك وعائلته من هذا النوع من الفساد. فمنذ ثورة 25 يناير وهناك محاولات عديدة لتمرير هذا الفساد وإغلاق ملفاته. مرة برفع شعار «عفا الله عما سلف»، ومرة بالرهان على الزمن والرهان على جملة الأديب الكبير نجيب محفوظ الشهيرة «آفة حارتنا النسيان».

ولذلك فإن من أهم الفوائد المبدئية لوثائق بنما أو فضيحة الفساد الدولية الكبرى هو إعادة الاهتمام لملف الفساد العائلى فى نظام مبارك، ونظام الشبكات المتداخلة بين البيزنس والسياسة. قد تكون وثائق بنما لم تحمل جديدًا فيما يتصل بقضية بيزنس علاء مبارك أو شقيقه جمال. ولكنها أعادت القضية مرة أخرى للأضواء والاهتمام وللتساؤل. وأكدت أنه لا يمكن ضمان دفن فضيحة مالية أو أن الأسرار أصبحت نادرة فى عالم التسربيات.

1- وثائق بنما
«وثائق بنما» أقامت العالم بطرق مختلفة، ما بين مؤيد ومعارض، ما بين فاضح ومفضوح. تعاملت كل دولة وكل فئة مع وثائق بنما حسب هواها أو بالأحرى حسب مصالحها.

وثائق بنما بدأت من ألمانيا حيث قدم مجهول آلاف الوثائق ومعظمها إيميلات تخص شركة قانونية فى بنما. وتشمل الوثائق أربعين عاما وتنتشر وتتوغل فى العديد من دول أوروبا وآسيا والمنطقة العربية.

وشملت الوثائق تعاملات مالية لمسئولين حاليين وسابقين وأصدقائهم. وهى معاملات مالية تشمل فى بعض الشخصيات محاولات التهرب من الضرائب بالنسبة للغرب، ومحاولات غسيل الأموال السياسى فى الشرق.

وقد شكك البعض فى هدف التسريب لأسباب مختلفة، ولكن أهم هذه الأسباب هو الغياب التام لأى وثائق أو بالأحرى فضائح للمسئولين الأمريكان. وكأن أمريكا لم تولد بعد، أو كأن كل المسئولين الأمريكان من الملائكة. بينما اتهم البعض التسريبات بمحاولة ضرب الزعيم الروسى بوتين بهذه التسريبات. لأن الوثائق تتهم أصدقاء لبوتين بمحاولة إخفاء مئات الملايين من الدولارات. وتكرر الأمر أو الاتهام مع مقربين من الرئيس الصينى.

ولكن هذه الملاحظات أو الاتهامات لا يجب أن تقلل من أهمية الوثائق أو التسريبات. كما أن هذه الملاحظات لا تفسر الاستقبال الفاتر فى الوطن العربى للتسريبات. لأن هذه الوثائق تكشف طرق تهريب الأموال وإخفائها خاصة أموال المسئولين، وطرق غسيل الأموال عبر العالم بالخريطة التفصيلية لحركة غسيل الأموال، كما أنها تكشف أيضا طرق التهرب من الضرائب. ولذلك رحب بعض زعماء العالم بالتحقيق الاستقصائى الذى نشر فى عدد من دول العالم فى نفس الوقت، والذى استغرق إعداده عاما. فقد اعتبر الرئيس الفرنسى «فرانسو أولاند» أن الوثائق فرصة جيدة لفضح الفساد، وفرصة مهمة لزيادة أموال الضرائب. وعلى نفس المنوال سار وزير خارجية ألمانيا معتبرا أن الوثائق يجب أن تكون بداية لإنهاء الخطر. ويقصد بالخطر الشركات الوهمية التى تتهرب من خلالها الشركات من الضرائب.

ولذلك يجب ألا نتجاهل دراسة هذه الوثائق خاصة الجهات الرسمية والرقابية. وأن نخضعها للبحث العلمى الجاد، ليس فقط من أجل استعادة أموال جمال وعلاء مبارك فقط. ولكن لأنها فرصة لتحصين المستقبل من هروب الأموال المصرية. فهناك رجال أعمال كثيرون حول العالم يقومون كل يوم بالتهرب من دفع الضرائب من خلال هذه الطرق. وكل يوم يحاول مسئولون فى كل بقاع الأرض غسيل أموالهم المتحصلة من الفساد. وتجار المخدرات ينتمون أيضا لهذه الفئة. ولذلك لا يستهينوا بوثائق بنما لكى نواجه الفساد القديم والفساد الجديد معا.