رئيس مصحلة الضرائب الأسبق: رجال الأعمال يتهربون من سداد 350 مليار جنيه سنويًا

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


5 ملايين متهرب.. والمصلحة تضبط 5 آلاف حالة سنوياً.. و150 شركة تعمل فى الفواتير المضروبة

يعتبر النظام الضريبى المصرى هو الجنة التى كان يحلم بها جميع رجال الأعمال فى العالم، لأنها تتيح لأى صاحب عمل أو شركة، التهرب وعدم دفع الضرائب على الإطلاق، من خلال ثغرات قانونية يسهل التعامل معها والاستفادة منها، خاصة أن مصر تتمتع أيضاً بمصلحة ضرائب محدودة الإمكانيات بالشكل الذى يجعلها قادرة فقط على التحصيل وليس مطاردة وضبط المتهربين.

وتتضمن قوانين الضرائب المصرية، ثغرات تدل المستثمرين على طرق ملتوية كثيرة تجنبهم دفع جزء من الضريبة أو التخلص منها تماماً، سواء باللجوء إلى مكاتب وهمية وفواتير مضروبة، أو من خلال التسجيل فى دول خارجية أو القيد فى البورصة والتخارج منها، ما يؤدى لخسارة الخزانة العامة وفق آخر دراسة لصندوق النقد الدولى، نحو 350 مليار جنيه، تمثل أضعاف العجز فى الموازنة.

وتعكف الشركات فى مثل هذه الفترة من نهاية كل عام حتى نهاية إبريل وهو الوقت المخصص للتقدم بالإقرارات الضريبية إلى مصلحة الضرائب، على ترتيب ملفاتها ودراسة خطة تجنب دفع الضريبة وفى السطور التالية نكشف عن 6 أشكال للتهرب.

1
للتهرب وجوه كثيرة

وتتعدد حيل تجنب الضريبة والتهرب منها، وحسب أشرف العربى، رئيس مصلحة الضرائب المصرية الأسبق، الخبير بصندوق النقد الدولى، يتوقف ذلك على حجم الممول حيث يتهرب الممول الصغير من خلال إخفاء الإيرادات وزيادة المصروفات، بينما يلجأ الممول المتوسط لعدم تسجيل جميع تفاصيل نشاطه، بينما تكون فرصة الممول الكبير فى التهرب أكبر بسبب توافر أساليب مختلفة لأنه يتعامل مع العالم الخارجى.

ويوضح العربى أن فرصة الموظف فى التهرب من الضريبة تساوى صفرًا لأنه يدفعها قبل الحصول على الراتب أصلاً، لافتاً إلى أن حجم الاقتصاد الكلى لمصر 6 تريليونات جنيه، منها 2.8 تريليون، تمثل حجم الاقتصاد الرسمى، جزء منه يتهرب من الضريبة، و 3.2 تريليون اقتصاد غير رسمى ومعظمه متهرب.

ويقدر العربى حجم التهرب الضريبى فى مصر بحوالى 250 مليار جنيه، من خلال 5 ملايين متهرب، فيما لاتستطيع الطاقة البشرية العاملة فى المصلحة سوى ضبط حوالى 5 آلاف حالة سنوياً، معظمها نتيجة بلاغات وليس نتيجة اجتهاد الموظفين.

2
الفواتير المضروبة

فى الوقت الذى تفتح فيه الحكومة ممثلة فى وزارة المالية، صفحة جديدة مع مجتمع الأعمال والشركات بالتصالح فى المنازعات الضريبية، يجتهد المستثمرون والأفراد والمؤسسات فى البحث عن ثغرات قانونية للتخلص من الضريبة والتهرب من سداد مستحقات الدولة بأشكال وطرق عديدة ومختلفة وأشهرها الفواتير المزورة أو المضروبة.

وكشف مصدر بالمصلحة، أن الفترة الأخيرة شهدت انتشار شركات وهمية على نطاق واسع تعمل فى تجارة وبيع الفواتير المزورة، لتسهل عمليات التهرب الضريبى والتى يتم إنشاؤها بمعرفة أحد مكاتب المحاسبة، حيث تم حصر 150 شركة تعمل من خلال بطاقة ضريبية لأحد الأشخاص الذين يتركها لمكتب محاسبة مقابل مبلغ شهرى على أن يتم استخراج فواتير محملة بالضرائب لحساب المكتب ويكون ذلك من خلال مكاتب متعددة حتى لا يتم لفت الأنظار.

ويستغل أصحاب فكرة الشركات الوهمية ثغرات قانونية حيث ينص القانون على منح إعفاءات للمشروعات الممولة من بعض الجهات مثل الصندوق الاجتماعى، وعندما يقوم شخص بإنشاء سجل تجارى واستخراج بطاقة ضريبية، تتيح له تزويد التجار بفواتير مقابل عمولة، حيث يدرج التاجر قيمة الفاتورة تحت بند المصروفات، ويتمكن من التهرب من الضرائب.

ويلجأ التجار والشركات لوسيلة أخرى للتهرب، من خلال الفواتير المزورة، استغلالاً لثغرات قانون ضريبة المبيعات، فيما يعرف بحد التسجيل للمصانع والمقدر بنحو 54 ألف جنيه، و150 ألف جنيه للتاجر الفرد، حيث يقرر أغلب التجار التهرب عندما يصلون إلى حد التسجيل بأقل من القيمة المقررة بألف جنيه، من خلال شراء فواتير من الشركات أو المكاتب المتخصصة فى تجارة الفواتير المضروبة، حتى لا يصدر فواتير تصل به إلى الحد المقرر.

3
إخفاء الأرباح

وتلجأ معظم الشركات لإخفاء أرباحها الحقيقية، من خلال عدة طرق، حيث تنشئ الشركات وفقاً لقانون ضريبة الأرباح، مراكز مالية سنوية، تتضمن قائمة الدخل التى تنتهى بصافى الأرباح بعد خصم جميع المصروفات وبعد موافقة مجلس الإدارة واعتماد المحاسب القانونى لتقديمها لمأمورية الضرائب التابعة لها، ولكن معظم الشركات تلجأ لزيادة التكاليف سواء المباشرة أو غير المباشرة والتى تؤثر على قيمة المنتج وتؤدى إلى تقليل الأرباح على الورق فى النهاية.

وتلجأ الشركات إلى الإبلاغ عن توقف إحدى الماكينات للصيانة، ما يقلل من حجم الإنتاج، المسجل فتقل الأرباح، إلى جانب زيادة قيمة حملات الدعاية التى تقوم بها الشركة حيث تضاف على تكلفة السلعة وتخصم قيمتها من الأرباح، إلى جانب خصم تكلفة البرامج التدريبية للعاملين.

ويؤسس بعض رجال الأعمال مكاتب توزيع للسلع التى يستوردونها أو ينتجونها، ثم يقومون بالبيع للمكتب، بسعر أقل، فيما يعرف بـ«الشركات المتداخلة» لتقليل أرباحه، أو من خلال إنشاء شركتين إحداهما تتمتع بإعفاءات ضريبية، ويقوم المستثمر بترحيل الأرباح على الشركة المعفاة واحتساب المصروفات على الشركة الخاضعة للضريبة فيقل حجم الأرباح ويسدد ضريبة ضئيلة.

4
الاستثمار السرى الدائرى

وتكشف دراسة أصدرتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، بعنوان «السياحة الضريبية» والتى أعدها الباحث أسامة دياب، عن 3 طرق يتبعها أصحاب الأعمال وملاك الشركات للتهرب من الضرائب، الأولى بلجوء كثير من الشركات التى تملك فرعًا فيما يسمى بدول الملاذ الضريبى، وهى دولة تكون فيها الضريبة على الأرباح والدخول منخفضة جداً، وذلك للتلاعب فى حساباتها حتى تظهر أغلبية أرباحها فى الشركة المسجلة فى الملاذ الضريبى وتختفى من الفرع المسجل فى الدولة التى تشتغل بها فعلياً.

وتعرف الطريقة الثانية بالاستثمار السرى الدائرى، حيث يحول المستثمر الأموال للشركة الجديدة المنشأة فى ملاذ ضريبى والتى تستثمر بعد ذلك فى الأسهم والسندات فى شركات بلده الأصلى وفى هذه الحالة تظهر الأرباح على أنها أرباح شركة أجنبية لاتخضع لقوانين الضرائب الموجودة فى بلد المستثمر.

أما أصحاب الثروات الضخمة، فيلجأون لطريقة ثالثة، بتسجيل أصولهم المالية فى الملاذات الضريبية ليتهربوا من ضريبة الميراث.

وقدرت الدراسة تكلفة ممارسات التهرب الضريبى المختلفة من الاستثمار السرى الدائرى، ونقل الأرباح باستخدام الملاذات الضريبية فى مصر بنحو 68 مليار جنيه سنوياً.

وأشارت الدراسة إلى أن بيانات وزارة الاستثمار عن حجم الاستثمارات الأجنبية فى مصر من عام 1970 وحتى عام 2013 تكشف زيادة حجم استثمارات الملاذات الضريبية حيث احتلت جزر كايمان المركز السادس من حيث الدول المستثمرة فى مصر بـ85 شركة برأس مال 6 مليارات دولار، وجاءت جزر العذراء البريطانية فى المركز الـ11، بـ112 شركة برأس مال قدره 2.7 مليار دولار، وتستثمر هذه الدويلات الصغيرة فى نحو 479 شركة مصرية رأسمالها يتخطى الـ12 مليار دولار.

ووفقاً لموازنة عام 2013/2014 فإن طرق وممارسات التهرب، أدت إلى أن تدفع الشركات الكبيرة نحو 25 مليار جنيه من إجمالى حصيلة ضريبية تقدر بـ 260 مليار جنيه بنسبة 10% فقط من حصيلة الضرائب الكلية.

من جانبه يشير الدكتور أسامة عبد الخالق، الخبير الاقتصادى، إلى أن قوانين الاستثمار فى مصر بها ثغرة تمنع وضع أى قيود على تحويل الأموال أو الأرباح إلى الخارج، وهى النقطة التى استغلتها قطاعات الأسمنت والحديد والغاز الطبيعى والبترول والصناعات البتروكيمياوية والشركات المتعلقة بالصوامع.

5
القيد فى البورصة

ويعد التهرب من دفع الضرائب بقيد الشركات لأسهمها بالبورصة المصرية هو من أكثر الطرق التى ظهرت خلال السنوات الأخيرة حيث تتم الاستفادة من فكرة إعفاء تعاملات البورصة من الضرائب، ويتم ذلك من خلال لجوء المستثمرين إلى تسجيل شركاتهم بسوق المال قبل بيعها بأسابيع ثم يقومون بشطبها بعد إتمام عملية البيع ليتجنب دفع الضريبة، ويعتبر النزاع الضريبى بين شركة أوراسكوم للإنشاء ومصلحة الضرائب خلال فترة حكم جماعة الإخوان لمصر، الواقعة الأشهر، فى مثل هذا النوع من التهرب.

ويوضح الدكتور عبد الرسول عبد الهادى، الخبير الضريبى، أنه وفقاً لقانون الضرائب رقم 91 لسنة 2005 يتمتع المستثمر بعدة إعفاءات ضريبية حيث يتم إعفاء الأرباح الناتجة من الاستثمار فى البورصة تماماً، كما يحصل صاحب مشروعات استزراع واستصلاح الأراضى، ومزارع الدواجن والمواشى والأسماك وتربية النحل على إعفاء لمدة 10 سنوات.