د. رشا سمير تكتب: عزيزتى الحكومة المصرية..تحية طيبة وبعد

مقالات الرأي




لطالما باغتتنا الحكومات المصرية عبر العصور الطويلة برسائل مُحبطة وتصريحات لا تمت للواقع بصلة من قريب ولا من بعيد.. فأصبحت الحكومة هى المصدر الأكبر للطاقة السلبية للمواطنين..تتغير الوجوه وتتعدد الوزارات ويبقى الفشل هو حليف كل الحكومات.. ببساطة لأن الخطط التى تطرحها الحكومات هى خطط كلامية بعيدة عن إيجابية التنفيذ.. وطالما سكن شبابنا حالة من الإحباط والسخط على الدولة لتهميشهم وعدم الاهتمام بمشاكلهم. وظلت الحجة الخالدة هى أن الشباب المصرى شباب كسول خامل، لا يحلم سوى بالثروة والشُهرة والراحة.. ولكن.. هيهات.. فالحُلم هو سلاح البشر لاحتمال الواقع..فمن كان منكم بلا حُلم فليرمهم بحجر!.. لو نظرنا حولنا لوجدنا أن فكرة المشروعات الصغيرة نجحت باكتساح فى الهند والصين وتم بها القضاء على البطالة بين الشباب، ولو تطلعنا إلى أبعد قليلا لرأينا نموذجا آخر للنجاح، حيث استطاعت كندا الاستعانة برئيس وزراء شاب فى مقتبل العُمر استطاع أن يخوض تجربة إنجاح حكومة استعان فيها بكافة الأعمار والأطياف والأديان، لمجرد أنه شاب له فكر ورؤية مختلفة.. المُشكلة ببساطة هى أن حكوماتنا تُعانى من شلل فكرى وعجز إدارى لا يدفعها لخلق منظومة صحيحة يستطيع بها الشباب المصرى أن يُخرج طاقاته بشكل إيجابى.. ويظل الـSystem أو المنظومة هو ما تفتقده مصر، وتبقى الحكومة طرف من أطراف كثيرة فشلت فى الخروج بالوطن من أزماته المتكررة.. ووسط محاولات فردية من شباب مجتهد قرر أن يعتمد على فكرة مبتكرة أو مشروع مختلف، تتكاتف كل الأطراف لعرقلة المشاريع.. فما بين استخراج التراخيص ودفع الرشاوى والتغلب على العراقيل الورقية وتحدى نظرة المجتمع الرجعى.. يفشل المشروع ويُحبط الشباب وينتهى الحُلم بكابوس.. اليوم قررت أن أكتب عن تجربة ناجحة تم تنفيذها فى مصر بسواعد مصرية ولكن وبكل أسف بإدارة أمريكية..وهى تجربة تاكسى الـ Uber. الأوبر ببساطة هى فكرة أن يكون لديك سائق خاص دون أن يعمل على سيارتك، لأن الجديد فى المشروع أنك تستأجر السائق بسيارته..

هى تجربة بدأت فى دول العالم الأوروبى والأمريكى بل والعربى، بشخص يبحث عن طريقة شريفة لتحسين دخله، أو شاب مل العمل الحكومى وتمنى أن يصبح مدير نفسه، أو شاب مقتدر يمتلك سيارة فيقرر بدلا من أن يقضى وقته على الكافيهات أن يستثمر مجهوده فى أن يكون لديه دخل محترم حتى يثبت لذويه أنه قادر على الاعتماد على نفسه.. وعلى نفس الغرار يتم عمل المشروع فى مصر بشباب ورجال قرروا أن يبحثوا بأنفسهم عن طريقة شريفة لكسب قوت يومهم وسط دُعاء بأن يبعد الله عنهم عين الحكومة والحاقدين!.. أنا اليوم أكتب عنه بعد تجربة شخصية وقناعة تامة بالفكرة لأدعو الحكومة المصرية إلى أن تقف بجانب هذا المشروع وتدعمه..إنه أقرب إلى فكرة تاكسي العاصمة الذى فشل بسبب طمع البشر وإهمال الحكومة..الفرق هنا أن هؤلاء الشباب يدخلون المشروع بسياراتهم الخاصة مما يجعلهم خائفون عليها ويتعاملون معها بكل حرص.. هؤلاء الشباب يخضعون لتحاليل مخدرات ويتلقون دورة تدريبية فى كيفية معاملة الراكب.. وهكذا تجدهم دائما شبابا يتحدثون بطريقة مهذبة ولا يتخطون حدود اللياقة.

والأهم من هذا وذاك أنهم قد تم إخضاعهم بقوة القانون الأعظم، قانون (الثواب والعقاب).. القانون الذى نفتقر إلى تطبيقه فى مصر.. فتقييم الراكب للسائق والعكس صحيح، هو الدافع الذى يجعل السائق دائما خائفا من الاستغناء عنه وراغبا فى الاستفادة من المنحة المالية التى تُقدم للملتزمين.. إنه مشروع يعمل به اليوم آلاف من الشباب الذى أنقذه هذا المشروع من الجلوس على المقاهى والتحرش بالفتيات أو التسكع فى الشوارع.. نعم.. هو مشروع محترم يؤكد لحكومتنا المصرية أن المنظومة الصحيحة قادرة على خلق النجاح.. فالثواب والعقاب أصبحا مجرد مُسمى فى الإدارة بمصر غير قابل للتطبيق، على الرغم من أنه العنوان الرئيس للنجاح فى كل دول العالم..

إنها دعوة للحكومة أن تصحو من غفوتها وتبتعد عن التفكير العقيم..

ودعوة لله عز وجل أن تأتى حكومة على مصر قادرة على تحقيق النجاح بدلا من المؤتمرات والتصريحات والاجتماعات البائسة.