ايمان كمال تكتب: مصر من غير نور

مقالات الرأي



في عنفوانه ومجده شاهدت نور الشريف على المسرح القومي اثناء العرض المسرحي "يا مسافر وحدك" لأرى يوميا ذلك الفنان الذي يملك قدرات ابداعية تجاوزت كل الحدود فكان لي الشرف بأن اشارك معه في كورال المسرحية هذا الوقت ،وكان مشهد طلوع الروح الذي يستنجد بوالدته ورباطهما بالحبل السري يجعلني عاجزة تماما عن الحركة او ان اغمض عيني لثانية واحدة فكيف يمكن له أن يأتي بكل تلك العبقرية والابداع والتفاني.
الوضع تبدل تماما بعد ما يقرب من 15 عاما وربما اكثر حينما جمعني به مهرجان اسكندرية السينمائي في دورته الأخيرة ،ليبدو أمامي  الأب الدافئ الحنون الذي هزم المرض جسده النحيل ولم يهزم روحه ،فكنت حريصة على ان يجمعني حضن يليق بنور الشريف ،لكى انقل له مشاعري بأنني اشعر كثيرا بما مر به من آلالام حاول ان يهزمها بحب من حوله ،حاول ان يخفيها بابتسامة على وجهه .
في مؤتمر تكريمه لم ينسى نور الشريف اصحاب الفضل عليه في مشواره لم ينسى زملاءه ولا تلاميذه فسبقت دموعه ابتساماته في هذا اليوم ،ففي الوقت الذي تم تكريم عدد كبير من النجوم والنجمات في نفس اليوم ،إلا ان الإحتفاء بنور العائد من رحلة المرض في هذا الوقت كان هو الموقف الذي استطاع أن يحصد ضجة ،وحرص عدد كبير من الفنانين على الحضور للاحتفاء به خصيصا ومن ثم العودة مثل ليلى علوي ومحمود ياسين واغلب من شاركوه أعماله.

لم يكن نور مجرد ممثل موهوب فهو المنتج المغامر الذي قام ببيع شاليه يمتلكه واسرته لإنتاج عمل تحمس له ،أو صانع ومكتشف النجوم الذي لم يخشى لحظة الظهور في عمل جماعي مع نجوم آخرون حتى ممن يقال عنهم بأنهم الأكثر موهبة مثل محمود عبد العزيز الذي تقاسم معه جرى الوحوش والعار ،نور كان لديه ابداع الفنان وطموح المخرج ومغامرة المنتج .

البعض يرى بأن نور كان شخص محدود الموهبة بكثير احمد زكي ومحمود عبد العزيز إلا انه كان يعي جيدا مع كل عمل ما يمر به من نقلات فنية يقدمها منذ بداياته مرورا بأفلام السعبينات التي شارك بها وقدم خلالها شخصية الفتى الشقي الذي يعيش مغامرات عاطفية خفيفة الظل ،ليبدأ مرحلة جديدة مع محمد خان وعاطف الطيب يتحول خلالها لتجربة اكثر ثقلا ،وحتى تقديمه لأعمال درامية اصبحت تيمة يسعى لتقليدها الكثيرون.

بغياب نور الشريف تفقد مصر روحا ابداعية ومغامرة ،وتفقد نور الفن المصري ،وان كان الأفضل حظا من نجوم آخرين في أن يرى مشاعر الحب الفياضة التي حاوطته قبل رحيله بأعوام.