نادية صالح تكتب: مفاجأة.. د. زكى نجيب محمود فى مكتبة د. محمود العلايلى

مقالات الرأي



تصورته وكأنه ابتلع قرصاً مركزاً لأفكار وفلسفة ووطنية ومصرية د. زكى نجيب محمود الكاتب والمفكر والفيلسوف العظيم الراحل، لقد وضع جميع كتب د. زكى نجيب على أرفف مكتبته وحفظها عن ظهر قلب كما يقولون وكما تأكد لى وأنا أحاوره وأسجل معه برنامجى «زيارة لمكتبة فلان».. فمثلاً كان «قشور ولباب» و«تجربة الفكر العربي» و«مجتمع جديد أو الكارثة» و«قصة عقل» و«قصة نفس» ثم «جنة العبيط» متجاورة على الرفوف وفى ذات الوقت فى عقل قارئها صاحب المكتبة، ولعل ما قاله د. العلايلى خلال هذه الزيارة يؤكد القول المأثور «قل لى ماذا تقرأ أقل لك من أنت».

فهذا هو اخصائى الأسنان د. العلايلى يهوى السياسة بل يغوص فيها ويمارسها ونحن فى هذه المرحلة الصعبة من تاريخنا، د. العلايلى فى الخمسين من عمره «50 سنة».. ابن للأب الفنان القدير والمحترم «عزت العلايلي».. وكأنه ينفذ ما بدأه والده فى الفن «الأرض» و«الجماعة» وغيرهما من الأفلام.. يسير بها إلى أرض الواقع من أجل عيون «مصر» التى أحبها ونحبها كلنا.. نحن المصريين الأصلاء، وإلى جوار طب الأسنان.. أصبح محمود العلايلى أحد النجوم البارزين فى السياسة وحزب المصريين الأحرار فهو عضو الهيئة العليا للحزب، وعندما وجدت قناعته بمبادئ وفلسفة د. زكى نجيب محمود فرح قلبى وارتاح عقلى، فالفكر المستنير الذى يبحث دائماً عن التجديد سعياً إلى مجتمع جديد وإلا كارثة «لاقدر الله».. ولا يعيش فى «جنة العبيط» كما يحذرنا مفكرنا الكبير د. زكى نجيب كلها خطوط وعلامات سوف تهدى هذا الطبيب فى عيادته وكذلك بين مؤيديه فى الحزب والسياسة ولأنه- ودائماً- الشيء بالشيء يذكر حدثنى د. العلايلى خلال هذه الزيارة عن قراءاته فى كتب «العقاد» وحتى شعر العقاد والذى ربما لم يشتهر مثل كتبه عن «العبقريات».. حدثنى أيضاً عن د. لويس عوض ومذكراته «أوراق العمر» ود. أحمد أمين وغيرهما وغيرها من الكتب وجدتها فى مكتبته، وكلها تشير إلى ثقافة نحتاجها ونحن نسعى للتجديد وإبعاد ملوثات هؤلاء الذين وقف بهم الزمن وتجمدت عقولهم وقلوبهم طبعاً.

وإذا سألنى أحدكم عن سر اهتمامى بكتب د. زكى نجيب محمود بالذات فى هذه المكتبة.. فإجابتى هي:

أولاً: كانت جميع كتب د. زكى موجودة ومهضومة- بمعنى مفهومة- ولدى بوصلة تقرأ وتعرف من قرأ ومن وضع على الرفوف ديكور «Decore» ثم اقتنع بها فى ذكاء وتطور.

ثانياً: لأننى وقد أسعدنى الحظ وتشرفت بالقرب من د. زكى نجيب محمود وحرمه د. منيرة «يرحمها الله».. وكثيراً ما تناولت الشاى فى منزلهما بالقرب من كوبرى الجامعة، وقد طلبت منه ذات مرة أن يتبسط فى لغة كتابته حتى يحصل على عدد أكبر من القراء.. فإذا به يرد عليّ قائلاً: «يا ستى لو قرالى عشرين واحد وفهم اللى بأقوله أنا راضى.. والعشرين دول حيفهموا الناس الباقية اللى أنا عايز أقوله».

ثم اتضح أننى أخطأت.. فبعد هذه السنين هذا هو شاب فى الخمسين «50» من عمره.. وقد تخرج فى كلية الطب وفى ذات الوقت من أكاديمية زكى نجيب محمود.

وإذا كنت يا دكتور زكى لم تنجب أبناء من صلبك فلابد أنك الآن فى عالمك الحق سعيد بهذا الابن وأظن أن مثله كثير.. فهو يحمل جينات عقلك وفكرك وينقلها إلى مجتمعنا، لنقوّم جميعاً «تجربة الفكر العربي» وبناء مجتمع جديد وإلا..؟؟ الكارثة لاقدر الله.. ويا أيها الشباب.. أتمنى أن يكون بينكم كثيرون يحملون لى مثل هذه المفاجأة.. مفاجأة د. زكى نجيب محمود فى مكتبة د. محمود العلايلى.