عادل حمودة يكتب: لماذا لا يحضر زوج الوزيرة المناسبات العامة معها مثلما تحضر زوجة الوزير معه؟

مقالات الرأي



نزار قبانى: لبسنا ثوب الحضارة لكننا لم نتخلص من سلوكيات الجاهلية

الدولة أكثر تقدمًا من المجتمع فى التعامل مع المرأة فالرئيس يصفها بالعظيمة.. والمجتمع يتحرش بها وينكر عليها ميراثها

لا نتصور أن البروتوكول يمنعه ولكن السبب غالبا أن الرجل فى مصر يكره أن تكون زوجته أكثر شهرة وسلطة منه


يفرض البروتوكول على الوزير أن تحضر زوجته معه المناسبات التى يشهدها الرئيس والسيدة قرينته.. ولكن.. هل يمنع البروتوكول نفسه أن تحضر الوزيرة زوجها معها؟.

تابعت فى الماسة احتفالية تكريم الرئيس للمرأة المصرية والأم المثالية بحضور السيدة قرينته.. وحضر الوزراء وزوجاتهم.. وحضرات الوزيرات.. ولكن.. دون أزواجهن.

ويتكرر المشهد ذاته فى المناسبات المتشابهة دون تفسير أو تبرير بل ربما دون أن ينتبه أحد إليه أو يثير فضوله.

عادة ما تكتب الدعوة باسم السيد الوزير وحرمه فهل تكتب باسم السيدة الوزيرة وزوجها أم تكتفى بها وحدها؟.

ولو كنت أتصور أن البروتوكول لا يمنع حضور زوج الوزيرة فأغلب الظن أن السبب شخصى جدا حيث لا يزال الرجل فى مصر يرفض عادة أن يعرف بزوجته أو يأتى فى ذيلها أو تكون أكثر شهرة منه ولو كان أكثر منها ثروة.

وهو ما يعنى أن الوزيرة التى نالت المساواة بمنصبها الرفيع ربما لم تنجح فى إقناع زوجها الأقرب إليها بهذه المساواة.

إن الإيمان بالشىء إذا لم يبدأ بالجوهر يظل قشرة من معدن ما يبرق لبعض الوقت ولكن سرعان ما يصيبه الصدأ والتآكل ويتفتت متناثرا كذرات التراب أو برادة الحديد.

ويندر أن نجد رجلا مؤمنا بأن المرأة إنسان مثله أو يقبل بأن تكون متفوقة عليه خاصة إذا كانت زوجته وقد فشلت زيجات نجمات السينما برجال من خارج وسطها بسبب الضوء الذى يغمر النجمة والظلام الذى يجد فيه الزوج نفسه وهما معا.

بل إن شاعرا نصب نفسه محاميا للمرأة مثل نزار قبانى كثيرا ما يرتد عن موقفه منها فى حالة من الزهو الرجولى ليؤكد أن لا زمان حقيقيًا لها خارج لهفته عليها وليس لها أبعاد واضحة خارج امتداد ذراعيه مضيفا: يوم دخلت إلى غابات صدرى دخلت إلى الحرية ويوم خرجت منها صرت جارية.

ولكنه يعتبر ذلك الموقف المتراجع من المرأة جزءا من تخبط مجتمعاتنا العربية فنحن نلبس ثياب السفر ولا نسافر ونكتب المكاتيب ولا نرسلها ونحجز تذاكر الطائرة ونبقى فى المطار ونفرط فى الحديث عن التطور والتغيير والتحديث ونظل فى أماكننا.

وبعبارة أخرى: لبسنا ثوب الحضارة لكننا لم نتخلص من سلوكيات الجاهلية.

لا يزال الرجل فى الغالب يرى المرأة مخلوقا أدنى منه.

لا يتردد فى التحرش بها علنا مسجلا رقما قياسيا عالميا فى ارتكاب هذه الجريمة الوقحة.. ولو تجرأت واعترضت أو غضبت واشتكت عاقبها بالتشهير وربما بالتدمير.

ورغم عدم التمييز بالجنس الذى نص عليه الدستور فإن كثيرا ما يهضم حق المرأة فى الميرات وكأنها ستنفقه على ملذاتها كما يفعل الرجل عادة عندما يحصل على ثروة دون مجهود.

ولم تستطع القوانين التى تنصف المرأة أن تحميها من الضرب والطرد والهجر وغيرها من مفردات الإهانة التى تعيشها رغم أن نصف النساء ينفقن على أسر فقيرة يتصور فيها ربها العاطل نفسه بلطجيا على طريقة شهريار أو مصابا بالفصام مثل سى السيد.

ولو كان وراء كل رجل عظيم امرأة فإن وراء كل امرأة مجرمة رجلا ورطها فى مخالفة القانون ودفع بها إلى عنابر السجون.

والمؤكد أن رؤية الدولة للمرأة أكثر تقدما من رؤية المجتمع لها.

لا يتردد الرئيس فى وصف المرأة بـ العظيمة ويشيد بحكمة الأم مستشار الأب صاحب القرار.. واستقبل امرأة عاشت متنكرة فى زى الرجال هربا من التقاليد الصارمة فى الأقصر.. وقبل رؤوس الأمهات المثاليات.. فى الوقت نفسه نجد محاميا مفروض أن يدعم التشريعات وينفذها يدعو علنا إلى اغتصاب الفتاة التى ترتدى جينزا ممزقا عقابا لها متجاهلا حقها فى التعامل مع نفسها كما تشاء.. متناسيا أن الرجل هو الذى يحدد سلوك المرأة تجاهه فلو عاملها كزهرة نثرت عطرها ولو عاملها كذبيحة طرشت عليه الدم.

وتحاول الحكومة جاهدة أن ترفع من شأن المرأة باستخراج بطاقات هوية لمن لا تحملها ودعمها بقروض تنفذ بها مشروعات صغيرة وتوفر لها دورا لحضانة أطفالها وتمنحها مساعدات لو كانت فى حاجة إليها وتساعدها فى الحصول على نفقة ما بعد الطلاق وتستقبلها فى مراكز الرعاية لو تعرضت للعنف ولكنها كلها إجراءات مادية لم تصل على أهميتها إلى مركز المشكلة الثقافية وهو النظرة إليها باستخفاف أو ازدراء.

وفى مصر 90 نائبة فى مجلس النواب وخمس وزيرات ومحافظة وعدد لا يحصى من النساء فى مراكز قيادية ولكن ذلك حدث بقرارات من أعلى دون قبول لها من أسفل وكأن وجودهن فى مناصبهن يرتبط بفلسفة النظام لا بتقدير المجتمع لهن وربما لو تغيرت هذه الفلسفة لكانت سعادة المجتمع أكبر.

ولا شك أن النظرة الخاطئة للمرأة تزايدت فى سنوات صعود التيارات الدينية المتشددة التى تراها عورة يجب سترها ووعاء للإنجاب يجب تغطيته ووسيلة للمتعة يمكن تغييرها لو سببت قلقا أو مللا.

وأتذكر أننا ونحن فى الجامعة كانت موضة الثياب القصيرة سائدة لكننا لم نحرج بالنظر زميلاتنا اللاتى يرتدينها كما أن المجتمع لم يتجاوز حدوده معها فى الطريق العام أو فى وسائل المواصلات فثقافة الاحترام المتبادل كانت سائدة.

ولم نسمع عن كلمة تحرش إلا بعد أن فرضت الجماعات الدينية رؤيتها للمرأة وحرضت على عقاب المرأة التى لا تغطى شعرها بانتهاك جسدها ولكن سرعان ما امتدت الجريمة إلى كل النساء ولو كن منتقبات فعندما تفتح النوافذ يصعب عليك التحكم فى الرياح.

وفى ملفات قضايا محكمة الأسرة سنجد أكثر من دليل على أن المساواة بين الجنسين مساواة شكلية بل وهمية.

مات الأب والأم فى حادث سيارة ونجت الابنة الوحيدة التى قبلت بوصاية عمها على الثروة التى آلت إليها وراح الرجل الذى يحمل شهادة الدكتوراه فى المالية العامة وصعد فى سلم الوظيفة إلى منصب وكيل وزارة يزور مستندات الانفاق ليستولى على المال الذى أؤتمن عليه وعندما اشتكت الفتاة التى كانت فى الشهادة الإعدادية هددها بالاغتصاب بل خلع ملابسه أمامها وأصبح عاريا ولولا مديرة المدرسة ما حصلت الفتاة على حقوقها فى المحكمة.

طبيب أمراض باطنية لا يقل دخله الشهرى عن 400 ألف جنيه لم يقبل بدفع أكثر من 100 جنيه نفقة لمطلقته وابنها بينما دفع لمحاميه 30 ألف جنيه ولكن تحريات المحكمة أكدت أنه يمتلك قصرا فى كومباوند وشاليهات فى مارينا والسخنة وشقة فى باريس ويشارك فى مستشفى فرفعت النفقة إلى ألف جنيه.

ترك الأب لابنته ثروة طائلة وأصبح الجد وصيا عليها ولكنه أخرجها من مدرستها المميزة ولم يتردد فى ضربها وتجويعها لأنه لا يحب خلفة البنات ولجأت الفتاة بمساعدة الجيران إلى المحكمة التى استمعت إليها دون أن تمسك بدموع مستشاريها.

ورفضت المحكمة طلاق أستاذة علوم سياسية وصفت زوجها بضعف الشخصية فلم يكن أمامها سوى الخلع.

أما النسبة الأكبر فى القضايا فتكشف عن مأساة الزوجة الأولى التى كافحت مع زوجها حتى حقق ثروة أو شهرة ولكنه تنكر لها وتزوج عليها امرأة أصغر منها وغالبا ما تقبل بوضعها المهين فالبديل طلاق وحياة موحشة متواضعة ليس عليها فيها سوى انتظار الموت دون أن يكون لها حق فى الثروة التى شاركت فى صنعها.

القانون فى غالبية دول العالم يمنح الزوجة فى حالة الطلاق نصف ممتلكاتها هى وزوجها فهما شريكان فى تكوينها ولو كانت الزوجة ربة بيت تجهز العشاء وترعى الأطفال وتحافظ على البيت.

والناس فى تلك الدول لا تجد فى تميز المرأة إهانة للرجل أو انتقاصا منه بل إنها تقبل أن تجلس على العرش امرأة يمشى زوجها خلفها بأكثر من خطوة دون أن تؤلمه عقده النفسية.

تعد إليزابيث إلكسندرا مارى ملكة دستورية على 16 دولة، منها بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا بجانب 12 دولة فى الكومنولث أما زوجها فيليب فهو لم يتجاوز لقب دوق أدنبرة ورغم ذلك يقف وراءها مبتسما إذا ما سمحت قواعد البروتوكول ذلك فإن لم تسمح توارى فى مكتبه بقصر بكنجهام.

ويتكرر المشهد فى الدنمارك التى تتربع على عرشها الملكة مارجريت الثانية ويتأخر زوجها الأمير هنريك عنها بثلاث خطوات.

وسيتكرر المشهد ذاته فى السويد إذا ما تولت أميرة التاج فيكتوريا العرش دون أن ينسحب زوجها الأمير دانييل فييلينج من حياتها.

ويظهر أزواج الوزيرات فى الهند وماليزيا وسنغافورة معهن فى المناسبات العامة دون أن يثير ذلك دهشة أحد، فالمساواة أمر طبيعى هناك.

أما فى مصر فلا يظهر زوج السيدة الوزيرة معها فى المناسبات العامة.. وربما فى المناسبات الخاصة أيضا.. بل.. ربما ترك بعضهم مصر بعد تولى زوجته المنصب وفضل أن يعيش خارجها معظم شهور السنة.

وكلهم بلا استثناء رجال أعمال ناجحون فى مجالات النسيج ومحطات تحلية المياه والهندسة ولكن أغلبهم غير معروف خارج وسطه وبينهم من نسب إليه التورط فى أنشطة وهمية وهو ما كان سيحرم زوجته من المنصب لكن الدولة فصلت عند اختيارها بين كفاءتها وموقفه فى حالة من الموضوعية تحسب إليها.

ولا نعرف سوى القليل عنهم بل لا نعرف سوى أسماء بعضهم ولو لم تقل السفيرة نبيلة مكرم وزيرة شئون الهجرة على الهواء بحبك يا هانى ما عرفنا اسم زوجها.

ونحن نعرف اسم والد وزيرة التضامن الاجتماعى غادة فتحى والى وهو أستاذ شهير فى القانون ولكن لا نعرف شيئا عن زوجها.

ولو لم يكن معتز رسلان رئيسا لمجلس الأعمال المصرى الكندى ما عرفنا شيئا عن زوج وزيرة التخطيط الدكتورة هالة السعيد.

وبالصدفة عرفنا أن مجدى طلبة المؤثر فى صناعة الملابس وتصديرها هو زوج وزيرة الاستثمار سحر نصر.

أما وزيرة الثقافة إيناس عبدالدايم فلا نعرف عنها سوى أنها عازفة فلوت قبل أن تتولى مسئولية دار الأوبرا.

والحقيقة أن ذلك لا ينتقص من حقيقة ظاهرة كالشمس فى يوم صيفى ساخن أن الوزيرات تفوقن فى مناصبهن ربما أكثر من الرجال ولكن اعتراف الدولة بهن يكتمل بإيمان المجتمع بأن المرأة مثل الرجل تماما ولا فرق بينها وبينه إلا بالعمل وهذا هو الجوهر الغائب للمساواة.