عبدالحفيظ سعد يكتب: استغلال مظاهر ولافتات التأييد

مقالات الرأي



صحيح أن الانتخابات الرئاسية التى انتهت إجراءاتها، لم تشهد منافسة حقيقية بين المرشحين لها. ورغم أنها كانت شبه محسومة للرئيس عبدالفتاح السيسى فى مواجهة موسى مصطفى موسى، لكن ظهر فى الانتخابات نوع خاص من الاهتمام الشعبى، والذى لم يكن قاصرا على أيام الاقتراع فيها.

وتمثل ذلك فى حالة الانتشار غير العادى أو التقليدى فى انتشار لافتات التأييد، والتى غزت الشوارع والميادين والأزقة، فى مصر، بصورة كانت ملفتة للنظر، وهو ما رصدته صحيفة "الفجر" فى عددها قبل السابق، بأن ما تم صرفه على مظاهر الدعاية تجاوز الـ90 مليونا فى القاهرة الكبرى فقط، وذلك قبل انطلاق الانتخابات نحو أسبوعين، وهو ما يعطى مؤشرا أن رقم مصروفات الدعاية، ربما يصل إلى مليار جنيه فى باقى الجمهورية، مع حسابات ما تم صرفه خلال أيام الانتخابات.

وبعيدا عن الاتهامات المعلبة والتى لا تخلو من المزايدة أو الغرض السياسى لمن يطلقها، نجد أن انتشار الدعاية واللافتات بهذه الصورة فى الانتخابات، التى تعد نتائجها شبه محسومة، وترويج أن الدعاية واللافتات نوع من النفاق والمبالغة الزائدة فى التأييد.. إلا أن هناك جوانب إيجابية عديدة فى هذه الظاهرة، ليس فقط لأنها أعادت للشارع فكرة العمل العام والسياسى. ولكن الأهم، أن انتشار هذه الدعاية فى الشوارع، لإظهار مدى التأييد، تكشف أن هناك العديد من المصريين لديهم القدرة والرغبة فى الصرف على العمل العام، بدون مقابل، خاصة إذا كان ذلك بهدف إظهار الالتفاف الشعبى حول القيادة السياسية حتى لو كلفهم ذلك الصرف المالى.

ومن هنا أعتقد، أن من الجوانب الإيجابية لظاهرة اللافتات والدعاية الكثيفة، أنها يمكن البناء عليها، فى العمل فى الفترة المقبلة على أن يتم حشد همة، وحصر أصحاب المحال والمشروعات والشخصيات، التى بادرت لعمل لافتات التأييد فى الانتخابات، وأن يكون "نواة" فى أى حملات تبرع شعبى لتنفيذ الأفكار الوطنية فى الفترة المقبلة، وعلى رأسها الأفكار التى تتبناها حملة "تحيا مصر، والتى كان لها دور بارز فى مكافحة أعظم الأفكار التى نفذت فى مصر فى العقود الأخيرة وتمثلت فى حملة مكافحة فيروس "سى"، وهو ما يدفعها أن تطرح أفكارا جديدة تخدم الاحتياجات الضرورية للمواطنين.

الأمر لا يقتصر فقط على فكرة التبرع لمشروعات، أو العمل الإنسانى، من هؤلاء الذين ظهرت روحهم وهمتهم فى العمل العام، بل يمكن تطويره فى أفكار أخرى، بأن يتكفل أصحاب المحال والمشروعات، أو يساهموا فى العمل خلال تلك الفترة على تطوير وتنظيف الواجهات فى المناطق التى تبرعوا لعمل اللافتات فيها، أو يتخذوا مبادرة مثل وضع صناديق قمامة، وتنظيف المناطق المحيطة بها، وهناك العديد من الأفكار التى يمكن أن يصل إليها هؤلاء طبقا لاحتياجات المنطقة التى يعيشون فيها، ولا تقف مساهماتهم عند وضع لافتات التأييد الانتخابية فقط.

ربما تقطع مثل هذه المبادرات الألسنة التى تدعى أن لافتات التأييد نوع من النفاق السياسى، فى ظل انتخابات شبه محسومة.. لأنه بإمكاننا أن نحول الأمر إلى عمل مجتمعى مفيد بالفعل، كما أنه يعمل على منع استغلال من قاموا بحملات التأييد، فى أن يحولوا التأييد لمكسب خاص بهم، مثل أنهم ينتهكوا "حرم الشارع"، أو يعتقدوا أن تأييدهم سيحميهم من مساءلتهم عن التجاوزات والمخالفات.

وربما لا يدرك هؤلاء، أن مثلا هذه التصرفات لا تتناسب إطلاقا مع شخصية الرئيس، والذى يردد دائما جملته الشهيرة "ليس علىّ فواتير لأحد"، خاصة أنه فى الانتخابات لم يمل أصلا لفكرة الدعاية واكتفى بالإطلالة على المصريين فى حوار واحد فقط، كان أشبه بالعمل للتحدث للناس، وليس مخاطبتهم انتخابيا.. واعتقد أنه يفضل أكثر أن يتحول تأييده إلى أفكار تخدم البلد، ولن تنطلى عليه لافتة تأييد.